للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَائِطُ لِلْوَتَدِ: لِمَ تَشُقُّنِي. قَالَ: سَلْ مَنْ يَدُقُّنِي، مَا تَرَكَنِي وَرَأْيِي هَذَا الَّذِي وَرَائِي، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: {مِنْ أَهْلِهَا} [يوسف: ٢٦] فِي صِفَةِ الشَّاهِدِ يُبْطِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَمِيصَ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا أَوْ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِ الْعَزِيزِ، فَإِنَّهُ مُحْتَمَلٌ؛ لَكِنَّ قَوْلَهُ: {مِنْ أَهْلِهَا} [يوسف: ٢٦] يُعْطِي اخْتِصَاصًا مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ كَانَ صَغِيرًا فَهُوَ الَّذِي يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ أَرْبَعَةٌ: " عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَابْنُ مَاشِطَةِ فِرْعَوْنَ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، " وَنَقَصَهُمْ اثْنَانِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الَّذِي «ذَكَرَ النَّبِيُّ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ أَنَّهُمْ لَمَّا حُفِرَتْ لَهُمْ الْأَرْضُ، وَرُمِيَ فِيهَا بِالْحَطَبِ وَأُوقِدَتْ النَّارُ عَلَيْهَا، وَعُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقَعُوا فِيهَا أَوْ يَكْفُرُوا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. فَوَقَفَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ، وَكَانَ فِي ذِرَاعِهَا صَبِيٌّ فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهْ، إنَّك عَلَى الْحَقِّ.» وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.

وَالثَّانِي: مَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُرْضِعُ صَبِيًّا فِي حِجْرِهَا، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ لَهُ شَارَةٌ وَحَوْلَهُ حَفَدَةٌ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذَا، فَتَرَكَ الصَّبِيُّ الثَّدْيَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلنِي مِثْلَهُ، وَمَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: سَرَقْت وَلَمْ تَسْرِقْ وَزَنَيْت وَلَمْ تَزْنِ. فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا، فَتَرَكَ الصَّبِيُّ الثَّدْيَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا.

وَأَوْحَى إلَى نَبِيِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَأَنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ فَعَلَتْ وَهِيَ لَمْ تَفْعَلْ. هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ.

فَاَلَّذِي صَحَّ فِيمَنْ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ أَرْبَعَةٌ: صَاحِبُ الْأُخْدُودِ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>