للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا لُمْت عَيْنَيَّ اللَّتَيْنِ أَضَرَّتَا ... بِجِسْمِي وَقَلْبِي قَالَتَا لُمْ الْقَلْبَا

فَإِنْ لُمْت قَلْبِي قَالَ عَيْنَاك جَرَّتَا ... عَلَيَّ الرَّزَايَا ثُمَّ لِي تَجْعَلُ الذَّنْبَا

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا. أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ؛ فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ».

الْمَحَلُّ الثَّانِي: الْأُذُنُ: وَهِيَ رَائِدٌ عَظِيمٌ فِي قَبِيلِ الْأَصْوَاتِ يُلْقِي إلَى الْقَلْبِ مِنْهَا مَا يُغَبِّيهِ، وَقَدْ كَانَتْ الْبَوَاطِلُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَقَائِقِ، فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ أَوَّلًا، وَيُنَزِّهَ نَفْسَهُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِهِ؛ وَإِذَا سَمِعَ الْقَوْلَ اتَّبَعَ أَحْسَنَهُ، وَوَعَى أَسْلَمَهُ، وَصَانَ عَنْ غَيْرِهِ أُذُنَهُ، أَوْ قَذَفَهُ عَنْ قَلْبِهِ إنْ وَصَلَ إلَيْهِ.

الْمَحَلُّ الثَّالِثُ: اللِّسَانُ: وَفِيهِ نَيِّفٌ عَلَى عِشْرِينَ آفَةً وَخُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الصِّدْقُ، وَبِهَا يَنْتَفِي عَنْهُ جَمِيعُ الْخِصَالِ الذَّمِيمَةِ، وَعَنْ بَدَنِهِ جَمِيعُ الْأَفْعَالِ الْقَبِيحَةِ، فَإِذَا حَجَبَهُ بِالصِّدْقِ فَقَدْ كَمُلَتْ لَهُ التَّقْوَى، وَنَالَ الْمَرْتَبَةَ الْقُصْوَى.

الْمَحَلُّ الرَّابِعُ: الْيَدُ: وَهِيَ لِلْبَطْشِ وَالتَّنَاوُلِ، وَفِيهَا مَعَاصٍ مِنْهَا: الْغَصْبُ، وَالسَّرِقَةُ، وَمُحَاوَلَةُ الزِّنَا، وَالْإِذَايَةُ لِلْحَيَوَانِ وَالنَّاسِ، وَحِجَابُهَا الْكَفُّ إلَّا عَمَّا أَرَادَ اللَّهُ.

الْمَحَلُّ الْخَامِسُ: الرِّجْلُ: وَهِيَ لِلْمَشْيِ إلَى مَا يَحِلُّ، وَإِلَى مَا يَجِبُ، وَحِجَابُهَا الْكَفُّ عَمَّا لَا يَجُوزُ.

الْمَحَلُّ السَّادِسُ: الْقَلْبُ: وَهُوَ الْبَحْرُ الْخِضَمُّ، وَفِي الْقَلْبِ الْفَوَائِدُ الدِّينِيَّةُ، وَالْآفَاتُ الْمُهْلِكَةُ، وَالتَّقْوَى، فِيهِ حِجَابٌ يَسْلُخُ الْآفَاتِ عَنْهُ، وَشَحْنُهُ بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَةِ؛ وَشَرْحُهُ بِالتَّوْحِيدِ، وَخَلْعِ الْكِبْرِ وَالْعَجَبِ بِمَعْرِفَتِهِ بِأَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَالتَّبَرِّي مِنْ الْحَسَدِ، وَالتَّحَفُّظِ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ، بِمُرَاعَاةِ غَيْرِ اللَّهِ فِي الْأَعْمَالِ، وَالرُّكُونِ إلَى الدُّنْيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>