للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْفُرْسُ: الشُّهُورُ كُلُّهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا، إلَّا شَهْرًا وَاحِدًا، فَإِنَّهُ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا.

وَقَالَتْ الْقِبْطُ بِقَوْلِهَا: إنَّ الشَّهْرَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَمُلَ الْعَامُ أَلْغَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ تُنْسِئَهَا بِزَعْمِهَا.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ عَامٍ مِنْ رُبْعِ يَوْمٍ مَزِيدًا عَلَى الْعَامِ، ثُمَّ يَجْتَمِعُ مِنْهُ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ يَوْمٌ فَيُكْبَسُ أَيْ يُلْغَى، وَيُزَادُ فِي الْعَدَدِ، وَيُسْتَأْنَفُ الْعَامُ بَعْدَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ قَصْدًا لِتَرْتِيبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَحْقِيقُ الْقَوْلِ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّنَةَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْبُرُوجَ فِي السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ بُرْجًا، وَرَتَّبَ فِيهَا سَيْرَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَجَعَلَ مَسِيرَ الْقَمَرِ، وَقَطْعَهُ لَلْفَلَكِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَجَعَلَ سَيْرَ الشَّمْسِ فِيهَا، وَقَطْعَهُ فِي كُلِّ عَامٍ، وَيَتَقَابَلَانِ فِي الِاسْتِعْلَاءِ فَيَعْلُو الْقَمَرُ إلَى الِاسْتِوَاءِ، وَتَسْفُلُ الشَّمْسُ، وَتَعْلُو الشَّمْسُ، وَيَسْفُلُ الْقَمَرُ، وَهَكَذَا عَلَى الْأَزْمِنَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِي الشُّهُورِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَجَعَلَ عَدَدَ أَيَّامِ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ رُبْعَ يَوْمٍ وَأَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا وَثَلَاثَمِائَةِ يَوْمٍ، وَجَعَلَ أَيَّامَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ رُبْعَ يَوْمٍ وَخَمْسَةً وَسِتِّينَ يَوْمًا وَثَلَاثَمِائَةِ يَوْمٍ؛ فَرَكَّبَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا مَسْأَلَةً، وَهِيَ إذَا قَالَ: لَا أُكَلِّمُهُ الشُّهُورَ، فَلَا يُكَلِّمُهُ حَوْلًا مُجْرِمًا: كَامِلًا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٦].

وَقِيلَ: لَا يُكَلِّمُهُ أَبَدًا.

وَأَرَى إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَنْ يَقْضِيَ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ شُهُورٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ بِيَقِينِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ صِيغَةُ فُعُولٍ فِي جَمْعِ فَعْلٍ.

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ سَنَةً مِنْ السَّنِينِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِقْدَارَ مَا يَجْتَمِعُ مِنْ الْكَسْرِ فِي الزِّيَادَةِ فَيَلْغُونَ مِنْهُ شَهْرًا فِي سَنَةٍ، وَقَصْدُهُمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ أَلَّا تَغَيَّرَ الشُّهُورُ عَنْ أَوْقَاتِهَا الَّتِي تَجْرِي عَلَيْهَا فِي الْأَزْمِنَةِ الْأَرْبَعَةِ: الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَالْقَيْظِ وَالْخَرِيفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>