للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} [الأعراف: ٥٦].

وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} [النمل: ٤٨] قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: كَانُوا يَكْسِرُونَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ، وَالْمَعَاصِي تَتَدَاعَى.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:

قَالَ أَصْبَغُ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ خَالِدٍ بْنِ جُنَادَةَ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ الْعُتَقِيِّ: مَنْ كَسَرَهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ اعْتَذَرَ بِالْجَهَالَةِ لَمْ يُعْذَرْ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَوْضِعِ عُذْرٍ، فَأَمَّا قَوْلُهُ: لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، فَلِأَنَّهُ أَتَى كَبِيرَةً؛ وَالْكَبَائِرُ تُسْقِطُ الْعَدَالَةَ دُونَ الصَّغَائِرِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ بِالْجَهَالَةِ فِي هَذَا فَلِأَنَّهُ أَمْرٌ بَيِّنٌ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ. وَإِنَّمَا يُقْبَلُ الْعُذْرُ إذَا ظَهَرَ الصِّدْقُ فِيهِ أَوْ خَفِيَ وَجْهُ الصِّدْقِ فِيهِ، وَكَانَ اللَّهُ أَعْلَمَ بِهِ مِنْ الْعَبْدِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:

إذَا كَانَ هَذَا مَعْصِيَةً وَفَسَادًا يَرُدُّ الشَّهَادَةَ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.

اُخْتُلِفَ فِي عُقُوبَتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:

[الْأَوَّلُ]: قَالَ مَالِكٌ: يُعَاقِبُهُ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ هَكَذَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لِلْعُقُوبَةِ.

الثَّانِي: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَنَحْوُهُ عَنْ سُفْيَانَ: إنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ قَدْ جُلِدَ، فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: رَجُلٌ كَانَ يَقْطَعُ الدَّرَاهِمَ. قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: هَذَا مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَلَمْ يُنْكِرْ جَلْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>