للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَذَا وَهْمٌ عَظِيمٌ. وَقَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ} [يوسف: ٥٦] قِيلَ فِيهِ: كَمَا مَكَّنَّا لِيُوسُفَ مِلْكَ نَفْسِهِ عَنْ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ مَكَّنَّا لَهُ مِلْكَ الْأَرْضِ عَنْ الْعَزِيزِ أَوْ مِثْلَهُ مِمَّا لَا يُشْبِهُ مَا ذَكَرَهُ. قَالَ الشَّفْعَوِيُّ: وَمِثْلُهُ: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤].

قَالَ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ هَذَا حِيلَةً؛ إنَّمَا هُوَ حَمْلٌ لِلْيَمِينِ عَلَى الْأَلْفَاظِ أَوْ عَلَى الْمَقَاصِدِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ. قَالَ الشَّفْعَوِيُّ: وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي عَامِلِ خَيْبَرَ [قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: نَصُّ هَذَا الْحَدِيثِ] «أَنَّ عَامِلَ خَيْبَرَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قَالَ: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّا نَبِيعُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ مِنْ تَمْرِ الْجَمْعِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَفْعَلْ، بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا، وَكَذَلِكَ الْبُسْرُ» خَرَّجَهُ الْأَئِمَّةُ. وَمَقْصُودُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ جَمْعًا وَيَبْتَاعَ جَنِيبًا مِنْ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْجَمْعَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ.

قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِهِ، لِئَلَّا يَكُونَ جَنِيبًا بِجَمْعٍ وَالدَّرَاهِمُ رِبًا، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَرِيرَةٌ بِجَرِيرَةٍ وَالدَّرَاهِمُ رِبًا. قَالَ الشَّفْعَوِيُّ: وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدَ: «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>