وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَعَوَّلَ عَلَى حَدِيثٍ خَرَّجَهُ لِلتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَمَّا أُرِيدَ قَتْلُ عُثْمَانَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا جَاءَ بِك؟ قَالَ: جِئْت فِي نَصْرِك. قَالَ: اُخْرُجْ إلَى النَّاسِ، فَاطْرُدْهُمْ عَنِّي، فَإِنَّك خَارِجًا خَيْرٌ لِي مِنْك دَاخِلًا. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ إلَى النَّاسِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهُ كَانَ اسْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فُلَانٌ، فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ، وَنَزَلَتْ فِي آيَاتٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَنَزَلَتْ فِي: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: ١٠] الْآيَةَ إلَى آخِرِهَا، وَنَزَلَتْ فِي: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: ٤٣]. إنَّ لِلَّهِ سَيْفًا مَغْمُودًا عَنْكُمْ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ جَاوَرَتْكُمْ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا الَّذِي نَزَلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اللَّهَ اللَّهَ فِي هَذَا الرَّجُلِ أَنْ تَقْتُلُوهُ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَتُطْرَدَنَّ جِيرَانُكُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَلَيُسَلَّنَّ سَيْفُ اللَّهِ الْمَغْمُودُ عَنْكُمْ، فَلَا يُغْمَدُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالُوا: اُقْتُلُوا الْيَهُودِيَّ، وَاقْتُلُوا عُثْمَانَ.
وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ تَنْزِلَ فِي عَبْدِ اللَّهِ سَبَبًا، وَتَتَنَاوَلَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ لَفْظًا؛ وَيُعَضِّدُهُ مِنْ النِّظَامِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَعْنِي بِهِ قُرَيْشًا؛ فَاَلَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ هُمْ إلَى مَعْرِفَةِ النُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ أَقْرَبُ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي هَذَا قَوْلُ الْمُتَجَادِلِينَ: كَفَى بِفُلَانٍ بَيْنَنَا شَهِيدًا فَيَرْضَيَانِ بِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ، وَيَزِيدُ هَذَا عَلَيْهِ ظُهُورُ هَذَا الْحَقِّ يَقِينًا، وَأَنَّ اللَّهَ يَنْصُرُهُ نَصْرًا مُبِينًا، وَيُوَفِّقُ مَنْ يَعْرِفُهُ حَقًّا، وَيَشْهَدُ بِهِ تَصْدِيقًا وَصِدْقًا. وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَلِكَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute