قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] فَجَعَلَهَا لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا لِلْأَكْلِ وَنَحْوِهِ عَنْ أَشْهَبَ، فَفَهِمَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجْهَ إيرَادِ النِّعَمِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ، فَاقْتَصَرَتْ كُلُّ مَنْفَعَةٍ عَلَى وَجْهِ مَنْفَعَتِهَا الَّتِي عَيَّنَ اللَّهُ لَهُ، وَرَتَّبَهَا فِيهِ، فَأَمَّا الْخَيْلُ، وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهَا تُؤْكَلُ، وَعُمْدَتُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنْ جَابِرٍ: «نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ». وَرُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ، وَحَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ».
وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ جَابِرٍ حِكَايَةَ حَالٍ، وَقَضِيَّةً فِي عَيْنٍ؛ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا ذَبَحُوا لِضَرُورَةٍ، وَلَا يُحْتَجُّ بِقَضَايَا الْأَحْوَالِ الْمُحْتَمَلَةِ، وَأَمَّا الْحُمُرُ، وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَاخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: إنَّمَا حُرِّمَتْ شَرْعًا.
الثَّانِي: أَنَّهَا حُرِّمَتْ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ جُوَالَ الْقَرْيَةِ، أَيْ تَأْكُلُ الْجُلَّةَ، وَهِيَ النَّجَاسَةُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا كَانَتْ حُمُولَةَ الْقَوْمِ؛ وَلِذَلِكَ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أُكِلَتْ الْحُمُرُ، فَنِيَتْ الْحُمُرُ؛ فَحَرَّمَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute