قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْت بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْت بِمُوسَى، فَقَالَ: مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِك؟ قُلْت: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّك؛ فَإِنَّ أُمَّتَك لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعَنِي، فَرَجَعْت، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْت إلَى مُوسَى، قُلْت: وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّك، فَإِنَّ أُمَّتَك لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَجَعْت، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْت إلَيْهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّك فَإِنَّ أُمَّتَك لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْته، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ، وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. فَرَجَعْت إلَى مُوسَى، فَقَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّك، فَقُلْت: قَدْ اسْتَحْيَيْت مِنْ رَبِّي. قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتَهَى إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أُدْخِلْت الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ».
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بَيْنَا أَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ.» وَذَكَرَ حَدِيثَ الْإِسْرَاءِ بِطُولِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: «ثُمَّ اسْتَيْقَظْت، وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ».
قُلْنَا: عَنْهُ أَجْوِبَةٌ؛ مِنْهَا: أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ أَنَسٍ، وَكَانَ تَغَيَّرَ بِآخِرَةٍ فَيُعَوَّلُ عَلَى رِوَايَاتِ الْجَمِيعِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِسْرَاءَ رُؤْيَا مَنَامٍ، وَطَّدَهُ اللَّهُ بِهَا، ثُمَّ أَرَاهُ إيَّاهَا رُؤْيَا عَيْنٍ، كَمَا فَعَلَ بِهِ حِينَ أَرَادَ مُشَافَهَتَهُ بِالْوَحْيِ؛ «أَرْسَلَ إلَيْهِ الْمَلَكَ فِي الْمَنَامِ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك، وَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ. فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَغَطَّهُ حَتَّى بَلَغَ مِنْهُ الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ» إلَى آخَرِ الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute