وَقَدْ تَعَلَّقَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ مِنْ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: ٦٠] وَبِقَوْلِهِ: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: ٩٣].
وَآيَةُ الْقَمِيصِ ضَعِيفَةٌ، وَآيَةُ الْعَامِلِينَ حَسَنَةٌ.
وَقَدْ رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «أَرَدْت الْخُرُوجَ إلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُلْت لَهُ: إنِّي أُرِيدُ الْخُرُوجَ إلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: ائْتِ وَكِيلِي، فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنْ ابْتَغَى مِنْك آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ».
وَقَدْ وَكَّلَ عُمَرَ بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ عَلَى عَقْدِ نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، وَوَكَّلَ أَبَا رَافِعٍ عَلَى نِكَاحِ مَيْمُونَةَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَوَكَّلَ حَكِيمَ بْنُ حِزَامٍ عَلَى شِرَاءِ شَاةٍ، وَالْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ حَقٍّ تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهِ؛ وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ، تَحْرِيرُهُ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مِثَالًا:
الْأَوَّلُ: الطَّهَارَةُ: وَهِيَ عِبَادَةٌ تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهَا فِي صَبِّ الْمَاءِ خَاصَّةً عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَلَا تَجُوزُ عَلَى عَرْكِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَوَضِّئُ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: النَّجَاسَةُ.
الثَّالِثُ: الصَّلَاةُ: وَلَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهَا بِحَالٍ بِإِجْمَاعٍ مِنْ الْأُمَّةِ، وَإِنَّمَا يُؤَدِّيهَا الْمُكَلَّفُ، وَلَوْ بِأَشْفَارِ عَيْنَيْهِ إشَارَةً، إلَّا فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ.
الرَّابِعُ: الزَّكَاةُ: وَتَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي أَخْذِهَا وَإِعْطَائِهَا.
الْخَامِسُ: الصِّيَامُ: وَلَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهِ بِحَالٍ، إلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْلَةٍ مِنْ السَّلَفِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
السَّادِسُ الِاعْتِكَافُ وَهُوَ مِثْلُهُ.
السَّابِعُ: الْحَجُّ.
الثَّامِنُ: الْبَيْعُ: وَهِيَ الْمُعَاوَضَةُ وَأَنْوَاعُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute