للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي ذِكْرِ التَّفَثِ: قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: هَذِهِ لَفْظَةٌ غَرِيبَةٌ عَرَبِيَّةٌ لَمْ يَجِدْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِيهَا شِعْرًا، وَلَا أَحَاطُوا بِهَا خَبَرًا، وَتَكَلَّمَ السَّلَفُ عَلَيْهَا عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: التَّفَثُ حَلْقُ الشَّعْرِ، وَلُبْسُ الثِّيَابِ، وَمَا أَتْبَعَ ذَلِكَ مِمَّا يَحِلُّ بِهِ الْمُحْرِمُ.

الثَّانِي: أَنَّهُ مَنَاسِكُ الْحَجِّ؛ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ. الثَّالِثُ: حَلْقُ الرَّأْسِ قَالَهُ قَتَادَةُ. الرَّابِعُ: رَمْيُ الْجِمَارِ قَالَهُ مُجَاهِدٌ. الْخَامِسُ: إزَالَةُ قَشَفِ الْإِحْرَامِ، مِنْ تَقْلِيمِ أَظْفَارٍ، وَأَخْذِ شَعْرٍ، وَغُسْلٍ، وَاسْتِعْمَالِ طِيبٍ قَالَهُ الْحَسَنُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ.

فَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فَلَوْ صَحَّ عَنْهُمَا لَكَانَ حُجَّةً، لِشَرَفِ الصُّحْبَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِاللُّغَةِ.

وَأَمَّا قَوْلُ قَتَادَةَ إنَّهُ حَلْقُ الرَّأْسِ فَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ.

وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ إنَّهُ رَمْيُ الْجِمَارِ فَمِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ تَتَبَّعْت التَّفَثَ لُغَةً فَرَأَيْت أَبَا عُبَيْدَةَ مَعْمَرَ بْنَ الْمُثَنَّى قَدْ قَالَ: إنَّهُ قَصُّ الْأَظْفَارِ، وَأَخْذُ الشَّارِبِ، وَكُلُّ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ، إلَّا النِّكَاحُ، وَلَمْ يَجِيءَ فِيهِ بِشِعْرٍ يُحْتَجُّ بِهِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: التَّفَثُ هُوَ الرَّمْيُ، وَالْحَلْقُ، وَالتَّقْصِيرُ، وَالذَّبْحُ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ.

وَذَكَرَ الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ نَحْوَهُ، وَلَا أُرَاهُ أَخَذَهُ إلَّا مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ.

وَقَالَ قُطْرُبٌ: تَفِثَ الرَّجُلُ إذَا كَثُرَ وَسَخُهُ، وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ: حَفُّوا رُءُوسَهُمْ لَمْ يَحْلِقُوا تَفَثًا وَلَمْ يَسُلُّوا لَهُمْ قَمْلًا وَصِئْبَانًا

<<  <  ج: ص:  >  >>