احْتَجَبَتْ مِنْهُ؛ فَقِيلَ لَهَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؛ إنَّهُ أَعْمَى لَا يَنْظُرُ إلَيْك. قَالَتْ: " وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ ".
قَالَ أَشْهَبُ: سُئِلَ مَالِكٌ أَتُلْقِي الْمَرْأَةُ خِمَارَهَا بَيْنَ يَدَيْ الْخَصِيِّ؟ وَهَلْ هُوَ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا؛ فَأَمَّا الْحُرُّ فَلَا، وَإِنْ كَانَ فَحْلًا كَبِيرًا وَغْدًا، تَمْلِكُهُ لَا هَيْئَةَ لَهُ وَلَا مَنْظَرَةَ فَلْيَنْظُرْ إلَى شَعْرِهَا. قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الْمَمْلُوكُ إلَى مَوْلَاتِهِ ". قَالَ أَشْهَبُ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِوَاسِعٍ أَنْ تَدْخُلَ جَارِيَةُ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلَدِ عَلَى الرَّجُلِ الْمِرْحَاضَ؛ قَالَ اللَّهُ: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦]. وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: يَنْظُرُ الْغُلَامُ الْوَغْدُ إلَى شَعْرِ سَيِّدَتِهِ وَلَا أُحِبُّهُ لِغُلَامِ الزَّوْجِ. وَأَطْلَقَ عُلَمَاؤُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ الْقَوْلَ بِأَنَّ غُلَامَ الْمَرْأَةِ فِي ذَوِي مَحَارِمِهَا يَحِلُّ مِنْهَا مَا يَحِلُّ لِذِي الْمَحْرَمِ. وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْقِيَاسِ. وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الِاحْتِيَاطِ أَعْجَبُ إلَيَّ. فَرْعٌ:
قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ مَعَ عَبْدِهَا وَإِنْ كَانَ ذَا مَحْرَمٍ مِنْهَا؛ إذْ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ فِي السَّفَرِ فَيَحِلُّ لَهَا تَزَوُّجُهُ. وَهَذَا عِنْدِي ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ عِتْقَهُ بِيَدِهَا؛ فَلَا يُتَّفَقُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ بِمَوْضِعٍ يَتَأَتَّى فِيهِ مَا ذَكَرْنَا.
الْمُسْتَثْنَى الْحَادِيَ عَشَرَ: قَوْلُهُ: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: ٣١]:
فِيهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الصَّغِيرُ؛ قَالَ مُجَاهِدٌ.
الثَّانِي: أَنَّهُ الْعِنِّينُ؛ قَالَهُ عِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْأَبْلَهُ الْمَعْتُوهُ لَا يَدْرِي النِّسَاءَ؛ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٌ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ الْمَجْبُوبُ لِفَقْدِ إرْبِهِ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ الْهَرَمُ، لِعَجْزِ إرْبِهِ.
السَّادِسُ: أَنَّهُ الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا يَشْتَهِي الْمَرْأَةَ، وَلَا يَغَارُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ. قَالَهُ قَتَادَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute