قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَالْبِضْعُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ؛ ثُمَّ ظَهَرَتْ الرُّومُ؛ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {الم} [الروم: ١] {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: ٢] إلَى قَوْلِهِ: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: ٤] {بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: ٥] قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْت أَنَّهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ نِيَارِ بْنِ مَكْرَمٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {الم} [الروم: ١] {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: ٢] {فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: ٣] {فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: ٤] وَكَانَتْ فَارِسُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. قَاهِرِينَ لِلرُّومِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ ظُهُورَ الرُّومِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: ٤] {بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: ٥] فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُحِبُّ ظُهُورَ فَارِسَ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ، وَلَا إيمَانٍ بِبَعْثٍ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَصِيحُ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ: {الم} [الروم: ١] {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: ٢] {فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: ٣] {فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: ٤]. قَالَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِأَبِي بَكْرٍ: فَذَلِكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، زَعَمَ صَاحِبُك أَنَّ الرُّومَ سَتَغْلِبُ فَارِسَ فِي بِضْعِ سِنِينَ؛ أَفَلَا نُرَاهِنُك عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: بَلَى. وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّهَانِ. فَارْتَهَنَ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُشْرِكُونَ، وَتَوَاضَعُوا الرِّهَانَ، وَقَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ: كَمْ تَجْعَلُ؟ الْبِضْعُ ثَلَاثُ سِنِينَ إلَى تِسْعِ سِنِينَ. فَسَمِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَسَطًا قَالَ: فَسَمَّوْا بَيْنَهُمْ سِتَّ سِنِينَ قَالَ: فَمَضَتْ السِّتُّ سِنِينَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرُوا؛ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ رَهْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَتْ السَّنَةُ السَّابِعَةُ ظَهَرَتْ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، فَعَابَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْمِيَةَ سِتِّ سِنِينَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: فِي بِضْعِ سِنِينَ. قَالَ: وَأَسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ نَاسٌ كَثِيرٌ؛ فَهَذِهِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ حِسَانٌ غُرَابٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute