للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ قَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَزَلَتْ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، وَجَاءَ لِيَحْكُمَ فِيهِمْ، وَهُوَ عَلَى أَتَانٍ، فَمَرَّ بِهِ حَتَّى لَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ الْمُنَافِقُ قَالَ: أَنْشَدْتُك اللَّهَ يَا سَعْدُ فِي إخْوَانِي وَأَنْصَارِي، ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ وَسِتُّمِائَةِ رَاجِلٍ، فَإِنَّهُمْ جَنَاحِي، وَهُمْ مَوَالِيك وَحُلَفَاؤُك.

فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ آنَ لِسَعْدٍ أَلَّا تَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، فَحَكَمَ فِيهِمْ سَعْدٌ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ.

وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَدْ حَكَمَ فِيهِمْ سَعْدٌ بِحُكْمِ الْمَلِكِ». زَادَ غَيْرُهُ: مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ.

«فَأَتَى ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إلَى ابْنِ بَاطَا، وَكَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ يَدٌ، وَقَالَ: قَدْ اسْتَوْهَبْتُك مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَدِك الَّتِي لَك عِنْدِي. قَالَ: كَذَلِكَ يَفْعَلُ الْكَرِيمُ بِالْكَرِيمِ. ثُمَّ قَالَ: وَكَيْفَ يَعِيشُ رَجُلٌ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا أَهْلَ؟ قَالَ: فَأَتَى ثَابِتٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَعْطَاهُ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ. فَأَتَاهُ فَأَعْلَمَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَكَيْفَ يَعِيشُ رَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ، فَأَتَى ثَابِتٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَلَبَهُ، فَأَعْطَاهُ مَالَهُ. فَرَجَعَ إلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ الَّذِي كَأَنَّ وَجْهَهُ مِرْآةٌ صِينِيَّةٌ؟ قَالَ: قُتِلَ. فَمَا فَعَلَ الْمَجْلِسَانِ يَعْنِي بَنِي كَعْبِ بْنِ قُرَيْظَةَ، وَبَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ؟ قَالَ: قُتِلُوا. قَالَ: فَمَا فَعَلَتْ الْقَيْنَتَانِ؟ قَالَ: قُتِلَتَا. قَالَ: بَرِئَتْ ذِمَّتُك، وَلَنْ أَصُبَّ فِيهَا دَلْوًا أَبَدًا يَعْنِي النَّخْلَ فَأَلْحِقْنِي بِهِمْ، فَأَبَى أَنْ يَقْتُلَهُ وَقَتَلَهُ غَيْرُهُ».

وَالْيَدُ الَّتِي كَانَتْ لِابْنِ بَاطَا عِنْدَ ثَابِتٍ أَنَّهُ أَسَرَهُ يَوْمَ بُعَاثٍ فَجَزَّ نَاصِيَتَهُ وَأَطْلَقَهُ.

وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ حِينَ تُوُفِّيَ سَعْدٌ: نَخْشَى أَنْ نُغْلَبَ عَلَيْك، كَمَا غُلِبْنَا عَلَى حَنْظَلَةَ. قَالَ: وَكَانَ قَدْ أُصِيبَ فِي أَكْحَلِهِ، فَانْتَقَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِ».

«وَكَانَتْ عَائِشَةُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَعَاهَدُ ثَغْرَةً مِنْ الْجَبَلِ يُحَافِظُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يُزْلِفُهُ الْبَرْدُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَيَأْتِي فَيَضْطَجِعُ فِي حِجْرِي، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>