للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُتِلَ مِنْ الْكُفَّارِ ثَلَاثَةٌ: مُنَبِّهَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَنَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ وَكَانَ اقْتَحَمَ الْخَنْدَقَ فَتَوَرَّطَ فِيهِ، فَقُتِلَ. فَغَلَبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَسَدِهِ، فَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ أَعْطَوْا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَسَدِهِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا بِجَسَدِهِ وَلَا بِثَمَنِهِ. فَخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ.

وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ قَتَلَهُ عَلِيٌّ فِي الْمُبَارَزَةِ، اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسِهِ فَعَقَرَهُ، وَضَرَبَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ فَتَنَازَلَا، فَغَلَبَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي ذَلِكَ:

نَصَرَ الْحِجَارَةَ مِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِهِ ... وَنَصَرْت رَبَّ مُحَمَّدٍ بِصَوَابِ

فَصَدَدْت حِينَ تَرَكْته مُتَجَدِّلًا ... كَالْجِذْعِ بَيْنَ دَكَادِكَ وَرَوَابِي

وَعَفَفْت عَنْ أَثْوَابِهِ وَلَوْ أَنَّنِي ... كُنْت الْمُقَطِّرَ بَزَّنِي أَثْوَابِي

لَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ خَاذِلَ دِينِهِ ... وَنَبِيَّهُ يَا مَعْشَرَ الْأَحْزَابِ

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّ، وَعَبَّادَ بْنَ بَشِيرٍ، وَأَبَا عَبَّاسٍ الْحَارِثِيَّ، وَرَجُلَيْنِ آخَرَيْنِ إلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ لِيَقْتُلُوهُ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَتَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَنَالَ مِنْك إذَا جِئْنَاهُ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَخَرَجُوا نَحْوَهُ لَيْلًا، فَلَمَّا جَاءُوا وَنَادَوْهُ لِيَطْلُعَ إلَيْهِمْ، وَكَانَ بَيْنَ عَبَّادِ بْنِ بَشِيرٍ وَبَيْنَ ابْنِ الْأَشْرَفِ رَضَاعٌ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: لَا تَخْرُجْ إلَيْهِمْ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْك. فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ كُنْت نَائِمًا مَا أَيْقَظُونِي فَخَرَجَ إلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ فَقَالُوا: جِئْنَا لِتُسْلِفَنَا شَطْرَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، وَوَقَعُوا فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَقَدْ كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّا لَنَجِدُ مِنْك رِيحَ عَبِيرٍ قَالَ: فَأَدْنَى إلَيْهِمْ رَأْسَهُ، وَقَالَ: شُمُّوا، فَذَلِكَ حِينَ ابْتَدَرُوهُ فَقَتَلُوهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ اللَّيْلَةَ: إنِّي لَأَجِدُ رِيحَ دَمِ كَافِرٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>