للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَقَدْ ادَّعَوْهُ فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ فِي كَلَامِ الَّذِي نُفِيَتْ عَنْهُ مَعْرِفَةُ الشِّعْرِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ. أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ».

قُلْنَا: قَدْ قَالَ الْأَخْفَشُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ بِشِعْرٍ، وَرَوَى ابْنُ الْمُظَفَّرِ عَنْ الْخَلِيلِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ: إنَّ مَا جَاءَ مِنْ السَّجْعِ عَلَى جُزْأَيْنِ لَا يَكُونُ شِعْرًا. وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ مَنْهُوكِ الرَّجَزِ.

فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا يَكُونُ شِعْرًا، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ لَا يَكُونُ مَنْهُوكَ رَجَزٍ إلَّا بِالْوَقْفِ عَلَى الْبَاءِ مِنْ قَوْلِك: لَا كَذِبْ، وَمِنْ قَوْلِهِ: " عَبْدُ الْمُطَّلِبِ " وَلَمْ يُعْلَمْ كَيْفَ قَالَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَظْهَرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا كَذِبٌ بِتَنْوِينِ الْبَاءِ مَرْفُوعَةً وَبِخَفْضِ الْبَاءِ مِنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى الْإِضَافَةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْهُ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ طَرَفَةَ:

سَتُبْدِي لَك الْأَيَّامُ مَا كُنْت جَاهِلًا ... وَيَأْتِيك مَنْ لَمْ تَزَوَّدْ بِالْأَخْبَارِ

وَقَالَ:

أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعُبَيْ ... دِ بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ

وَقَالَ:

كَفَى الْإِسْلَامُ وَالشَّيْبُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا

فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي ذَلِكَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَقَبَّلَ رَأْسَهُ قَالَ اللَّهُ: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>