للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ صَاحِبُهُ [وَالْمُزَنِيُّ].

وَالثَّانِي: مِثْلُهُ فِي الْأَوَّلِ، وَيَقْطَعُ الْعَصْرَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ؛ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ.

الثَّالِثُ: يُكَبِّرُ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ قَالَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.

الرَّابِعُ: يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى بَعْدِ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.

فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُكَبِّرُ عَرَفَةَ وَيَقْطَعُ الْعَصْرَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣] وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ، وَقَدْ قَالَ هَؤُلَاءِ: يُكَبِّرُ فِي يَوْمَيْنِ؛ فَتَرَكُوا الظَّاهِرَ لِغَيْرِ دَلِيلٍ ظَاهِرٍ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: إنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: ١٩٨] فَذِكْرُ عَرَفَاتٍ دَاخِلٌ فِي ذِكْرِ الْأَيَّامِ، وَهَذَا كَانَ يَصِحُّ لَوْ قَالَ يُكَبِّرُ مِنْ الْمَغْرِبِ يَوْمَ عَرَفَةَ، لِأَنَّ وَقْتَ الْإِفَاضَةِ حِينَئِذٍ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: يُكَبِّرُ يَوْمَ عَرَفَةَ مِنْ الظُّهْرِ، فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي مُتَعَلِّقِ قَوْله تَعَالَى: {فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣] لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ عِنْدَ الْحُلُولِ بِمِنًى.

وَمِنْ قَصَرَهُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَقَدْ بَيَّنَّا مَأْخَذَهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

وَالتَّحْقِيقِ أَنَّ التَّحْدِيدَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ظَاهِرٌ، وَأَنَّ تَعَيُّنَهَا ظَاهِرٌ أَيْضًا بِالرَّمْيِ، وَأَنَّ سَائِرَ أَهْلِ الْآفَاقِ تَبَعٌ لِلْحَاجِّ فِيهَا، وَلَوْلَا الِاقْتِدَاءُ بِالسَّلَفِ لَضَعُفَ مُتَابَعَةُ الْحَاجِّ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَهْلِ الْآفَاقِ إلَّا فِي التَّكْبِيرِ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>