وَالطَّاهِرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ؛ وَزَيْنَبَ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ، وَرُقَيَّةُ، وَفَاطِمَةَ؛ وَكُلُّهُمْ مِنْ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَإِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ.
وَكَذَلِكَ قَسَّمَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إلَى زَمَانِنَا إلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الْمَحْدُودِ بِحِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ وَمَشِيئَتِهِ النَّافِذَةِ، لِيَبْقَى النَّسْلُ، وَيَتَمَادَى الْخَلْقُ، وَيَنْفُذُ الْوَعْدُ، وَيَحِقُّ الْأَمْرُ، وَتَعْمُرُ الدُّنْيَا، وَتَأْخُذُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَا يَمْلَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَيَبْقَى؛ فَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ النَّارَ لَنْ تَمْتَلِئَ حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ، فَتَقُولَ قَطُّ قَطُّ وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَتَبْقَى فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ». الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنَّ اللَّهَ لِعُمُومِ قُدْرَتِهِ وَشَدِيدِ قُوَّتِهِ يَخْلُقُ الْخَلْقَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، وَبِعَظِيمِ لُطْفِهِ وَبَالِغِ حِكْمَتِهِ يَخْلُقُ شَيْئًا مِنْ شَيْءٍ لَا عَنْ حَاجَةٍ، فَإِنَّهُ قُدُّوسٌ عَنْ الْحَاجَاتِ، سَلَامٌ عَنْ الْآفَاتِ، كَمَا قَالَ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ، فَخَلَقَ آدَمَ مِنْ الْأَرْضِ، وَخَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ آدَمَ، وَخَلَقَ النَّشْأَةِ مِنْ بَيْنَهُمَا مِنْهُمَا، مُرَتَّبًا عَنْ الْوَطْءِ كَائِنًا عَنْ الْحَمْلِ، مَوْجُودًا فِي الْجَنِينِ بِالْوَضْعِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ أَنَّثَا».
وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا «إذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَعْمَامَهُ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ».
وَقَدْ بَيَّنَّا تَحْقِيقَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ بِمَا لُبَابُهُ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: ذَكَرٌ يُشْبِهُ أَعْمَامَهُ. أُنْثَى تُشْبِهُ أَخْوَالَهَا. ذَكَرٌ يُشْبِهُ أَخْوَالَهُ. أُنْثَى تُشْبِهُ أَعْمَامَهَا. وَذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ بَيِّنٌ ظَاهِرُ التَّعَالُجِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَبَقَ: خَرَجَ مِنْ قَبْلُ، وَمَعْنَى عَلَا كَثُرَ، فَإِذَا خَرَجَ مَاءُ الرَّجُلِ مِنْ قَبْلُ وَخَرَجَ مَاءُ الْمَرْأَةِ بَعْدَهُ وَكَانَ أَقَلَّ مِنْهُ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute