الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} [الذاريات: ١٩]، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ هَلْ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ أَمْ لَا بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا.
وَالْأَقْوَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ الزَّكَاةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ: سَأَلَ سَائِلٌ: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: ٢٤] {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: ٢٥] وَالْحَقُّ الْمَعْلُومُ هُوَ الزَّكَاةُ الَّتِي بَيَّنَ الشَّرْعُ قَدْرَهَا وَجِنْسَهَا وَوَقْتَهَا، فَأَمَّا غَيْرُهَا لِمَنْ يَقُولُ بِهِ فَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَلَا مُجَنَّسٍ وَلَا مُؤَقَّتٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: {لِلسَّائِلِ} [الذاريات: ١٩]، وَهُوَ الْمُتَكَفِّفُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ: {وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: ١٩]، وَهُوَ الْمُتَعَفِّفُ؛ فَبَيَّنَ أَنَّ لِلسَّائِلِ حَقَّ الْمَسْأَلَةِ وَلِلْمَحْرُومِ حَقَّ الْحَاجَةِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الَّذِي يُحَرَّمُ الرِّزْقُ. وَقِيلَ: الَّذِي أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ الْمُحْتَرِقَةِ: {قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ} [القلم: ٢٦] {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [القلم: ٢٧]
وَفِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ لَمْ نُطَوِّلْ بِذِكْرِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا أَصَحُّهَا؛ إذْ يَقْتَضِي هَذَا التَّقْسِيمُ أَنَّ الْمُحْتَاجَ إذَا كَانَ مِنْهُ مَنْ يَسْأَلُ فَالْقِسْمُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ، وَيَتَنَوَّعُ أَحْوَالُ الْمُتَعَفِّفِ، وَالِاسْمُ يَعُمُّهُ كُلَّهُ، فَإِذَا رَأَيْته فَسَمِّهِ بِهِ، وَاحْكُمْ عَلَيْهِ بِحُكْمِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute