للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، قِيلَ ذِي رُعَيْنٍ وَمَعَافِرَ وَهَمْدَانَ: أَمَّا بَعْدُ وَكَانَ فِي كِتَابِهِ أَلَّا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ».

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أُخْتِهِ وَزَوْجِهَا سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَهُمَا يَقْرَآنِ طَهَ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ: هَاتُوا الصَّحِيفَةَ. فَقَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ: إنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ فَقَامَ وَاغْتَسَلَ وَأَسْلَمَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَرْثِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

فَقَدْنَا الْوَحْيَ إذْ وَلَّيْت عَنَّا ... وَوَدَّعَنَا مِنْ اللَّهِ الْكَلَامُ

سِوَى مَا قَدْ تَرَكْت لَنَا قَدِيمًا ... تَوَارَثَهُ الْقَرَاطِيسُ الْكِرَامُ

وَأَرَادَ صُحُفَ الْقُرْآنِ الَّتِي كَانَتْ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُمْلِيهَا عَلَى كَتَبَتِهِ.

وَقَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْهُمْ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. وَلَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ.

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَمَسُّهُ الْمُحْدِثُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَمَسُّ ظَاهِرَهُ وَحَوَاشِيَهُ وَمَا لَا مَكْتُوبَ فِيهِ. وَأَمَّا الْكِتَابُ فَلَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ. وَهَذَا إنْ سُلِّمَ مِمَّا يُقَوِّي الْحُجَّةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَرِيمَ الْمَمْنُوعِ مَمْنُوعٌ، وَفِيمَا كَتَبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَقْوَى دَلِيلٍ عَلَيْهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>