للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، وَاسْمُهُ صُدَيُّ بْنُ عَجْلَانَ، وَأَنَّهُ قَالَ: أَحْدَثْتُمْ قِيَامَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ، إنَّمَا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ؛ فَدُومُوا عَلَى الْقِيَامِ إذَا فَعَلْتُمُوهُ، وَلَا تَتْرُكُوهُ؛ فَإِنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ ابْتَدَعُوا بِدَعًا لَمْ يَكْتُبْهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، ابْتَغَوْا بِهَا رِضْوَانَ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، فَعَاتَبَهُمْ اللَّهُ بِتَرْكِهَا، فَقَالَ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧] يَعْنِي تَرَكُوا ذَلِكَ فَعُوقِبُوا عَلَيْهَا.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: ٢٧] مِنْ وَصْفِ الرَّهْبَانِيَّةِ، وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: ٢٧] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ابْتَدَعُوهَا} [الحديد: ٢٧]. وَقَدْ زَاغَ قَوْمٌ عَنْ مَنْهَجِ الصَّوَابِ فَظَنُّوا أَنَّهَا رَهْبَانِيَّةٌ كُتِبَتْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ الْتَزَمُوهَا، وَلَيْسَ يَخْرُجُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ مَضْمُونِ الْكَلَامِ، وَلَا يُعْطِيه أُسْلُوبُهُ وَلَا مَعْنَاهُ، وَلَا يُكْتَبُ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ إلَّا بِشَرْعٍ أَوْ نَذْرٍ، وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْمِلَلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>