أَنْ يُخْبِرَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَجَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَخَرَجْت بَعْدَهُ، فَسَأَلْته مَا أَخْرَجَك هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتَ مَا أَخْرَجَك هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقُلْت: أَنَا سَأَلْتُك قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَنِي. قَالَ: أَخْرَجَنِي الْجُوعُ. قَالَ: فَقُلْت لَهُ: أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَك. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَأَنَا أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا. قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَعْلَمَانِ مِنْ أَحَدٍ نُضِيفُهُ الْيَوْمَ؟ قَالَا: نَعَمْ، أَبُو الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ حَرِيٌّ إنْ جِئْنَاهُ أَنْ نَجِدَ عِنْدَهُ فَضْلًا مِنْ تَمْرٍ يُعَالِجُ جِنَانَهُ هُوَ وَامْرَأَتُهُ لَا يَبِيعَانِ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَاهُ حَتَّى دَخَلُوا الْحَائِطَ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَسَمِعَتْ أُمُّ الْهَيْثَمِ تَسْلِيمَهُ فَفَدَتْهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ، وَأَخْرَجَتْ حِلْسًا لَهَا مِنْ شَعْرٍ، فَطَرَحَتْهُ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَيْنَ أَبُو الْهَيْثَمِ؟ قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ. قَالَ: فَطَلَعَ أَبُو الْهَيْثَمِ بِالْقِرْبَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّخْلِ أَسْنَدَهَا إلَى جِذْعٍ، وَأَقْبَلَ يَفْدِي بِالْأَبِ وَالْأُمِّ، فَلَمَّا رَأَى وُجُوهَهُمْ عَرَفَ الَّذِي بِهِمْ. فَقَالَ لِأُمِّ الْهَيْثَمِ: هَلْ أَطْعَمْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ شَيْئًا؟ فَقَالَتْ: إنَّمَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّاعَةَ. قَالَ: فَمَا عِنْدَك؟ قَالَتْ: عِنْدِي حَبَّاتٌ مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ: كَرْكِرِيهَا وَاعْجِنِي، وَاخْبِزِي، إذْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الْخَمِيرَ. وَأَخَذَ شَفْرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إيَّاكَ وَذَوَاتِ الدَّرِّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا أُرِيدُ عَنَاقًا فِي الْغَنَمِ. قَالَ: فَذَبَحَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ بِذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَاهُ قَالَ: فَشَبِعُوا شِبْعَةً لَا عَهْدَ لَهُمْ بِمِثْلِهَا، فَمَا مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا يَسِيرًا، حَتَّى أُتِيَ بِأَسِيرٍ مِنْ الْيَمَنِ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْكُو إلَيْهِ الْعَمَلَ وَتُرْبَةَ يَدِهَا، وَتَسْأَلُهُ إيَّاهُ. قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَعْطِيهِ أَبَا الْهَيْثَمِ، فَقَدْ رَأَيْت مَا لَقِيَهُ هُوَ وَمِرْيَتُهُ يَوْمَ ضِفْنَاهُمْ. قَالَ: فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ، فَقَالَ: خُذْ هَذَا الْغُلَامَ يُعِينُك عَلَى حَائِطِك، وَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا. قَالَ: فَمَكَثَ الْغُلَامُ عِنْدَ أَبِي الْهَيْثَمِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلَامُ، لَقَدْ كُنْت مُسْتَقِلًّا وَأَنَا وَصَاحِبَتِي بِحَائِطِنَا، اذْهَبْ، فَلَا رَبَّ لَك إلَّا اللَّهُ. قَالَ: فَخَرَجَ الْغُلَامُ إلَى الشَّامِ».
وَرَوَى «عِكْرَاشُ بْنُ ذُؤَيْبٍ: قَالَ بَعَثَنِي بَنُو مُرَّةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِصَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِمْت عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ، فَوَجَدْته جَالِسًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إلَى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ فَأَتَيْنَا بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute