أَحَدُهُمَا: تَوَلَّى الشَّرْعُ تَقْدِيرَ الْعِوَضِ فِيهِ، وَهُوَ الْأَمْوَالُ الرِّبَوِيَّةُ، فَلَا تَحِلُّ الزِّيَادَةُ فِيهِ.
وَأَمَّا الَّذِي وَكَّلَهُ إلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَالزِّيَادَةُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ مَالِيَّةِ الْعِوَضَيْنِ عِنْدَ التَّقَابُلِ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَهُوَ حَلَالٌ بِإِجْمَاعٍ.
وَمِنْهُ مَا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ؛ وَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِيهِ، فَأَمْضَاهُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَعَدُّوهُ مِنْ فَنِّ التِّجَارَةِ، وَرَدَّهُ الْمُتَأَخِّرُونَ بِبَغْدَادَ وَنُظَرَائِهَا وَحَدُّوا الْمَرْدُودَ بِالثُّلُثِ.
وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَنْ عِلْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَفْتَقِرَانِ إلَى ذَلِكَ فِي الْأَوْقَاتِ، وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]
وَإِنْ وَقَعَ عَنْ جَهْلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْآخَرَ بِالْخِيَارِ، وَفِي مِثْلِهِ وَرَدَ الْحَدِيثُ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا بَايَعْت فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ». زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: «وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثًا»
، وَقَدْ مَهَّدْنَاهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ وَمَسَائِلِ الْخِلَافِ؛ فَهَذَا أَصْلُ عِلْمِ هَذَا الْبَابِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَنْكَرْتُمْ الْإِجْمَالَ فِي الْآيَةِ، وَمَا أَوْرَدْتُمُوهُ مِنْ الْبَيَانِ وَالشُّرُوطِ هُوَ بَيَانُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ مُبَيَّنًا، وَلَا يُوجَدُ عَنْهَا مِنْ الْقَوْلِ ظَاهِرًا.
قُلْنَا: هَذَا سُؤَالُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَا مَضَى مِنْ الْقَوْلِ، وَلَا أَلْقَى إلَيْهِ السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ، وَقَدْ تَوَضَّحَ فِي مَسَائِلِ الْكَلَامِ أَنَّ جَمِيعَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ أَوْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ جَاءَ فِيهِ بِلِسَانِهِمْ، فَقَدْ أَطْلَقَ لَهُمْ حِلَّ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ بَيْعٍ وَتِجَارَةٍ وَيَعْلَمُونَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ الرِّبَا وَكَانُوا يَفْعَلُونَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَكْلَ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute