للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي: قَائِمَةً بِالْحَقِّ، يُرِيدُ قَوْلًا وَفِعْلًا؛ فَيَعُودُ الْكَلَامُ إلَى الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: ١٠٤].

وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ؛ وَمُفْتَتَحُ الْكَلَامِ نَفْيُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَبَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ، إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ مَعْنَاهُ نَفْيُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وَقَوْلُهُ: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: ١١٣] تَمَامُ كَلَامٍ، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْكَلَامَ بِوَصْفِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ؛ وَهَذِهِ الْخِصَالُ هِيَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، لَا سِيَّمَا الصَّلَاةُ وَخَاصَّةً فِي اللَّيْلِ وَقْتَ الرَّاحَةِ. وَقِيلَ: إنَّهَا الصَّلَاةُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: إنَّهَا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً وَقَدْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ فَمِنَّا الْمُضْطَجِعُ. وَمِنَّا الْمُصَلِّي؛ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّهُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ هَذِهِ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ». وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا. وَعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ». وَهَذِهِ فِي الْعَتَمَةِ تَأْكِيدٌ لِلتَّخْصِيصِ وَتَبْيِينٌ لِلتَّفْضِيلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>