فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: مَنْ الْمُخَاطَبُ بِالْإِيتَاءِ؟: وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْأَزْوَاجُ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ؛ قَالَهُ أَبُو صَالِحٍ. وَاتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الضَّمَائِرَ وَاحِدَةٌ؛ إذْ هِيَ مَعْطُوفَةٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِجُمْلَتِهِ الْأَزْوَاج؛ فَهُمْ الْمُرَادُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} [النساء: ٣] {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: ٤] فَوَجَبَ تَنَاسُقُ الضَّمَائِرِ، وَأَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ هُوَ الْآخِرُ فِيهَا أَوْ مِنْهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {نِحْلَةً} [النساء: ٤] وَهِيَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَطِيَّةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْعِوَضِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَا هَاهُنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: مَعْنَاهُ: طِيبُوا نَفْسًا بِالصَّدَاقِ، كَمَا تَطِيبُونَ بِسَائِرِ النِّحَلِ وَالْهِبَاتِ.
الثَّانِي: مَعْنَاهُ " نِحْلَةً " مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِلنِّسَاءِ؛ فَإِنَّ الْأَوْلِيَاءَ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَانْتَزَعَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْهُمْ وَنَحَلَهَا النِّسَاءَ.
الثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَاهُ " عَطِيَّةً " مِنْ اللَّهِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَنَاكَحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالشِّغَارِ وَيُخْلُونَ النِّكَاحَ مِنْ الصَّدَاقِ؛ فَفَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلنِّسَاءِ وَنَحَلَهُ إيَّاهُنَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute