الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْيَمِينِ، وَقَبْلَ الْحِنْثِ، وَبَعْدَ الْخُرُوجِ، وَقَبْلَ الْمَوْتِ فِي الْقَتْلِ، وَكَذَلِكَ صَحَّ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ بِوُجُودِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَالِ قَبْلَ الْبَيْعِ. وَأَمَّا تَنَاوُلُهُ لِلْخُلَفَاءِ الْحَاكِمِينَ فَلْيَقْضُوا بِهِ عَلَى مَنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُتَخَاصِمِينَ. وَأَمَّا تَنَاوُلُهُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَكُونُوا بِهِ عَالِمِينَ، وَلِمَنْ جَهِلَهُ مُبَيِّنِينَ، وَعَلَى مَنْ خَالَفَهُ مُنْكِرِينَ، وَهَذَا فَرْضٌ يَعُمُّ الْخَلْقَ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ فَنٌّ غَرِيبٌ مِنْ تَنَاوُلِ الْخِطَابِ لِلْمُخَاطَبِينَ، فَافْهَمُوهُ وَاعْمَلُوا بِهِ وَحَافِظُوا عَلَيْهِ وَاحْفَظُوهُ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ الضُّعَفَاءَ مِنْ الْغِلْمَانِ وَلَا الْجَوَارِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ، وَبَيَّنَ حُكْمَهُ وَرَدَّ قَوْلَهُمْ. الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدِينَ وَالْأَقْرِبَاءِ؛ فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ وَبَيَّنَ الْمَوَارِيثَ، رَوَاهُ فِي الصَّحِيحِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ مُقَارَبُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ، رَوَى عَنْ «جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى جِئْنَا امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَهِيَ جَدَّةُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَزُرْنَاهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَعَرَّشَتْ لَنَا صَوْرًا فَقَعَدْنَا تَحْتَهُ، وَذَبَحَتْ لَنَا شَاةً وَعَلَّقَتْ لَنَا قِرْبَةً، فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَتَحَدَّثُ إذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْآنَ يَأْتِيكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَطَلَعَ عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَتَحَدَّثْنَا، ثُمَّ قَالَ لَنَا: الْآنَ يَأْتِيكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَطَلَعَ عَلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَتَحَدَّثْنَا، فَقَالَ: الْآنَ يَأْتِيكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ: فَرَأَيْتُهُ يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ مِنْ سَعَفِ الصُّورِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنَّ شِئْتَ جَعَلْته عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا، فَهَنِيئًا لَهُمْ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ، فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ بِطَعَامِهَا فَتَغَدَّيْنَا، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، فَقُمْنَا مَعَهُ مَا تَوَضَّأَ وَلَا أَحَدٌ مِنَّا، غَيْرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِكَفِّهِ جَرْعًا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute