السِّفَاحِ وَهُوَ الزِّنَا؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّدَاقِ فِي النِّكَاحِ، لَكِنْ رُخِّصَ فِي جَوَازِ السُّكُوتِ عَنْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْوِيضِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ هُنَالِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ: قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤] مُطْلَقًا، فَتَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ فِي جَوَازِ الصَّدَاقِ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَعَضَّدَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ الْمَوْهُوبَةِ فِي الصَّحِيحِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ».
وَلَنَا فِيهِ طُرُقٌ؛ أَقْوَاهَا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا حَرَّمَ اسْتِبَاحَةَ هَذَا الْعُضْوِ وَهُوَ الْبُضْعُ إلَّا بِبَدَلٍ وَجَبَ أَنْ يَتَقَرَّرَ ذَلِكَ الْبَدَلُ؛ بَيَانًا لِخَطَرِهِ وَتَحْقِيقًا لِشَرَفِهِ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَحُقُوقُ اللَّهِ مُقَدَّرَةٌ كَالشَّهَادَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةِ وَ [نُصُبِ] السَّرِقَةِ وَالدِّيَاتِ. وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَتَخَصَّصَ هَذَا الْإِطْلَاقُ بِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ، لَا سِيَّمَا وَمَسَاقُ هَذَا اللَّفْظِ إيجَابُ الْبَدَلِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ الْإِشَارَةَ بِعُمُومِهِ. فَأَمَّا حَدِيثُ خَاتَمِ الْحَدِيدِ فَخَاتَمٌ فِي الْعُرْفِ يَتَزَيَّنُ بِهِ، قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ فَتَأَمَّلْ تَحْقِيقَهُ فِي مَوْضِعِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالنِّكَاحِ بِالْأَمْوَالِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْذُلَ فِيهِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَتَحْقِيقُ الْمَالِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَطْمَاعُ، وَيُعْتَدُّ لِلِانْتِفَاعِ، هَذَا رَسْمُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ. وَتَحْقِيقُ بَيَانِهِ فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّقَبَةِ فِي الْإِجَارَةِ مَالٌ، وَأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute