أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ». وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ»، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ فِي وَطْءٍ وَنَسَبٍ لَهُمَا حُرْمَةٌ.
وَذَلِكَ فِي وَطْءِ الْكُفَّارِ؛ لَكِنْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَاءِ الْمُسْتَقِرِّ فِي الرَّحِمِ حُرْمَةٌ فَلِلْمَاءِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ حُرْمَةٌ، فَكَيْفَ يَمْتَزِجُ مَاءٌ بِمَاءٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ، وَفِي ذَلِكَ خَلْطُ الْأَنْسَابِ الصَّحِيحَةِ بِالْمِيَاهِ الْفَاسِدَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً} [النور: ٣]، فَهِيَ آيَةٌ مُشْكِلَةٌ، اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَالْمُتَحَصِّلُ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ كَانَتْ تُسَافِحُ وَتَشْتَرِطُ لَهُ أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُنَّ نِسَاءٌ مَعْلُومَاتٌ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ فَيَتَزَوَّجْنَ الرَّجُلَ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ لِتُنْفِقَ الْمَرْأَةُ مِنْهُنَّ عَلَيْهِ، فَنَهَاهُمْ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ».
الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَنَحْوُهُ عَنْ قَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ عَنْ بَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ كَرَايَةِ الْبَيْطَارِ، وَكَانَتْ بُيُوتُهُنَّ تُسَمَّى الْمَوَاخِيرَ، لَا يَدْخُلُ إلَيْهِنَّ إلَّا زَانٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَوْ مُشْرِكٍ، فَحَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
الثَّالِثُ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا يَزْنِي الزَّانِي إلَّا بِزَانِيَةٍ مِثْلِهِ أَوْ مُشْرِكَةٍ، وَنَحْوُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ.
الرَّابِعُ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: نَسَخَهَا قَوْلُهُ: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢]. وَقَالَ أَنَسٌ: مِنْ أَيَامَى الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ أَكَّدَ رِوَايَةَ ابْنِ عُمَرَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، وَكَانَ رَجُلٌ يَحْمِلُ الْأَسْرَى مِنْ مَكَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute