للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُنْفِقُ عَلَيْكَ، وَكَانَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ: يَا بَنِي هَاشِمٍ، لَا يُحِبُّكُمْ قَلْبِي أَبَدًا، أَيْنَ الَّذِينَ أَعْنَاقُهُمْ كَأَبَارِيقِ الْفِضَّةِ، تَرِدُ أُنُوفُهُمْ قَبْلَ شِفَاهِهِمْ، أَيْنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؟ أَيْنَ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؟ فَيَسْكُتُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا وَهُوَ بَرِمٌ. فَقَالَتْ لَهُ: أَيْنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؟ فَقَالَ: عَلَى يَسَارِكِ فِي النَّارِ إذَا دَخَلْتِ، فَنَشَرَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا. فَجَاءَتْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ؛ فَأَرْسَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَأُفَرِّقَنَّ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا كُنْت لِأُفَرِّقَ بَيْنَ شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. فَأَتَيَاهُمَا فَوَجَدَاهُمَا قَدْ سَدًّا عَلَيْهِمَا أَبْوَابَهُمَا، وَأَصْلَحَا أَمْرَهُمَا. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا لَمَّا أَتَيَا اشْتَمَّا رَائِحَةً طَيِّبَةً وَهُدُوًّا مِنْ الصَّوْتِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: ارْجِعْ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَا قَدْ اصْطَلَحَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَفَلَا نَمْضِي فَنَنْظُرَ أَمْرَهُمَا؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: فَنَفْعَلُ مَاذَا؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَئِنْ دَخَلْت عَلَيْهِمَا فَرَأَيْت الَّذِي أَخَافُ عَلَيْهِمَا مِنْهُ لَأَحْكُمَنَّ عَلَيْهِمَا ثُمَّ لَأُفَرِّقَنَّ بَيْنَهُمَا.

فَإِنْ وَجَدَاهُمَا قَدْ اخْتَلَفَا سَعْيًا فِي الْأُلْفَةِ، وَذَكَّرَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبِالصُّحْبَةِ؛ فَإِنْ أَنَابَا وَخَافَا أَنْ يَتَمَادَى ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمَا ظَهَرَ فِي الْمَاضِي، فَإِنْ يَكُنْ مَا طَلَعَا عَلَيْهِ فِي الْمَاضِي يُخَافُ مِنْهُ التَّمَادِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ وَهِيَ:

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ: هُمَا شَاهِدَانِ يَرْفَعَانِ الْأَمْرَ إلَى السُّلْطَانِ، وَيَشْهَدَانِ بِمَا ظَهَرَ إلَيْهِمَا. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

وَاَلَّذِي صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهُمَا حَكَمَانِ لَا شَاهِدَانِ. فَإِذَا فَرَّقَا بَيْنَهُمَا وَهِيَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>