للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا لَا يَصِحُّ. قُلْنَا: قَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ " شَرْحِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ " وَكِتَابِ " نَوَاهِي الدَّوَاهِي " صِحَّتَهُ

، وَأَخَذَ الْخُلَفَاءُ كُلُّهُمْ بِذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِلْأَنْصَارِ: إنَّ اللَّهَ جَعَلَكُمْ الْمُفْلِحِينَ، وَسَمَّانَا الصَّادِقِينَ؛ فَقَالَ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [الحشر: ٨] إلَى قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: ١٥]. ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: ٩] إلَى قَوْلِهِ: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: ٩]. وَقَدْ أَمَرَكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ تَكُونُوا مَعَنَا حَيْثُ كُنَّا، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩]. «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا». وَلَوْ كَانَ لَكُمْ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا أَوْصَى بِكُمْ ". وَقَالَ لَهُ عُمَرُ حِينَ ارْتَدَّ مَانِعُوا الزَّكَاةِ: خُذْ مِنْهُمْ الصَّلَاةَ وَدَعْ الزَّكَاةَ. فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَالصَّلَاةَ حَقُّ الْبَدَنِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: نَرْضَى لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِدِينِنَا. وَجَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: لَا أَجِدُ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْئًا وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ السُّدُسُ؛ فَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا، فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا. وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِالسُّدُسِ لِلْجَدَّةِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ»؛ فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. وَكَذَلِكَ لَمَّا جَمَعَ الصَّحَابَةَ فِي أَمْرِ الْوَبَاءِ بِالشَّامِ فَتَكَلَّمُوا مَعَهُ بِأَجْمَعِهِمْ وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ، مَا ذَكَرُوا فِي طَلَبِهِمْ الْحَقَّ فِي مَسْأَلَتِهِمْ لِلَّهِ كَلِمَةً وَلَا لِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرْفًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ، وَأَفْتَوْا وَحَكَمَ عُمَرُ، وَنَازَعَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْت لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>