للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَثِيقَةُ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥]. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: " الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إلَيْنَا وَعَهْدُنَا إلَيْكُمْ ". وَتَقُولُ الْعَرَبُ: عَهِدْنَا أَمْرَ كَذَا وَكَذَا أَيْ: عَرَفْنَاهُ، وَعَقَدْنَا أَمْرَ كَذَا وَكَذَا أَيْ: رَبَطْنَاهُ بِالْقَوْلِ، كَرَبْطِ الْحَبْلِ بِالْحَبْلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

قَوْمٌ إذَا عَقَدُوا عَقْدًا لِجَارِهِمْ ... شَدُّوا الْعِنَاجَ وَشَدُّوا فَوْقَهُ الْكَرَبَا

وَعَهْدُ اللَّهِ إلَى الْخَلْقِ إعْلَامُهُ بِمَا أَلْزَمَهُمْ وَتَعَاهَدَ الْقَوْمُ: أَيْ أَعْلَنَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِمَا الْتَزَمَهُ لَهُ وَارْتَبَطَ مَعَهُ إلَيْهِ وَأَعْلَمَهُ بِهِ؛ فَبِهَذَا دَخَلَ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ فِي الْآخَرِ، فَإِذَا عَرَفْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ الَّذِي قَرْطَسَ عَلَى الصَّوَابِ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ؛ فَكُلُّ عَهْدٍ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَنَا بِهِ ابْتِدَاءً، وَالْتَزَمْنَاهُ نَحْنُ لَهُ، وَتَعَاقَدْنَا فِيهِ بَيْنَنَا، فَالْوَفَاءُ بِهِ لَازِمٌ بِعُمُومِ هَذَا الْقَوْلِ الْمُطْلَقِ الْوَارِدِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْنَا فِي الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِهِ.

وَأَمَّا مَنْ خَصَّ حِلْفَ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا قُوَّةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ إذَا لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهُوَ مِنْ عَقْدِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَالْوَفَاءُ بِعَقْدِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْوَفَاءِ بِهِ؛ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>