الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا مَا كَانَ بِذَكَاةٍ صَحِيحَةٍ. وَاَلَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا يَجْرِي وَهِيَ تَطْرِفُ فَلْيَأْكُلْهَا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي كَتَبَهُ بِيَدِهِ، وَقَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ عُمْرَهُ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الرِّوَايَاتِ الْغَابِرَةِ، لَا سِيَّمَا وَالذَّكَاةُ عِبَادَةٌ كَلَّفَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ لِلْحِكْمَةِ الَّتِي [يَأْتِي] بَيَانُهَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَهَذَا هُوَ أَحَدُ مُتَعَلِّقَاتِ الذَّكَاةِ، وَهُوَ الْقَوْلُ فِي الذَّكَاةِ، وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِأَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: الْمُذَكِّي، وَالْمُذَكَّى، وَالْآلَةِ، وَالتَّذْكِيَةِ نَفْسِهَا.
فَأَمَّا الْمُذَكَّى فَيَتَعَلَّقُ الْقَوْلُ فِيهِ بِأَنْوَاعِ الْمُحَلَّلَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَمَّا الْمُذَكِّي: وَهُوَ الذَّابِحُ فَبَيَانُهُ فِيهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَأَمَّا التَّذْكِيَةُ نَفْسُهَا وَالْآلَةُ فَهَذَا مَوْضِعُ ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: فِي التَّذْكِيَةِ: وَهِيَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمَامِ، وَمِنْهُ ذُكَاءُ السِّنِّ، وَيُقَالُ: ذَكَّيْتُ النَّارُ إذَا أَتْمَمْتُ اشْتِعَالَهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بُدَّ أَنْ تَبْقَى فِي الْمُذَكَّاةِ بَقِيَّةٌ تَشْخَبُ مَعَهَا الْأَوْدَاجُ وَيَضْطَرِبُ اضْطِرَابَ الْمَذْبُوحِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّاةَ أَدْرَكَهَا الْمَوْتُ، وَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ شَخْبِ أَوْدَاجِهَا، وَإِنَّمَا أَصَابَ الْغَرَضَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ: إذَا ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا تَجْرِي وَهِيَ تَضْطَرِبُ إشَارَةً إلَى أَنَّهَا وُجِدَ فِيهَا قَتْلٌ صَارَ بِاسْمِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهَا ذَكَاةٌ، أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute