للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكُلُّ كَاسِبٍ جَارِحٌ إذَا كَسَبَ كَيْفَمَا كَانَ، وَمِمَّنْ كَانَ، إلَّا أَنَّ هَاهُنَا نُكْتَةً، وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤]. فَنَحْنُ فَرِيقٌ وَالطَّيِّبَاتُ فَرِيقٌ، وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ فَرِيقٌ غَيْرُ الِاثْنَيْنِ، وَذَلِكَ مِنْ الْبَهَائِمِ الَّتِي يَعْلَمُهَا بَنُو آدَمَ، وَقَدْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ مَعْلُومَةً وَهِيَ الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ؛ فَأَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ فِي أَكْلِ مَا صِيدَ بِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فَإِنْ قِيلَ: فَمَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ تَحْقِيقًا؟ قُلْنَا: يُبَيِّنُهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؛ أَمَّا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَقَوْلُهُ: {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤]، كَلَّبَ الرَّجُلُ وَأَكْلَبَ إذَا اقْتَنَى كَلْبًا.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ لِجَمِيعِ الْأَئِمَّةِ؛ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ». وَالضَّارِي: هُوَ الَّذِي ضَرَّى الصَّيْدَ فِي اللُّغَةِ.

وَرَوَى جَمِيعُهُمْ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنِّي أُرْسِلُ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ، وَأَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى. فَقَالَ: إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْك؛ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ أَخْذُهُ وَإِنْ قَتَلَ، مَا لَمْ يُشْرِكْهُ كَلْبٌ آخَرُ. قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكْته حَيًّا فَاذْبَحْهُ، وَإِنْ وَجَدْت مَعَ كَلْبِك كَلْبًا غَيْرَهُ وَقَدْ قَتَلَ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ؛ فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ». وَعِنْدَ جَمِيعِهِمْ: «فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>