للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ} [المائدة: ٥] قَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ الْيَوْمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَفِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ بِالْمَدِينَةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ بِمَعْنَى الْآنَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ الْيَوْمَ كَذَا بِمَعْنَى الْآنَ، كَأَنَّهُ وَقْتُ الزَّمَانِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي تَنْخِيلِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ: وَبَيَانُهُ أَنَّ كَوْنَهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ضَعِيفٌ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ بِمَعْنَى الزَّمَانِ فَصَحِيحٌ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَاقِضُ غَيْرَهُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، لِمَا ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ لِعُمَرَ: لَوْ نَزَلَتْ عَلَيْنَا هَذِهِ الْآيَةُ لَاِتَّخَذْنَا ذَلِكَ عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ: " قَدْ عَلِمْت فِي أَيِّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، نَزَلَتْ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ".

وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ ذَلِكَ، فَرَاجَعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمِثْلِ مَا رَاجَعَهُ عُمَرُ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَانِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ رَاجِعَةً إلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَيَّامًا سِوَاهَا؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا هِيَ بِعَيْنِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>