قُلْت: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ؟ قَالَ: كَانَ يَجْزِي أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ». خَرَّجَهُ جَمِيعُ الْأَئِمَّةِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَعَلْت شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ. فَقَالَ: عَمْدًا فَعَلْته». أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَتَكَرَّرُ الْحُكْمُ بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ بِتَكَرُّرِهِ أَحَلْتُمْ، وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَتَكَرَّرُ فَمَا وَجْهُهُ؟ قُلْنَا: مِنْ الْمُتَعَجْرِفِينَ مَنْ تَكَلَّفَ فَقَالَ: إنَّمَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْعِلَّةِ، وَهُوَ الْحَدَثُ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ الْحَدَثَ لَا يُوجِبُ الطَّهَارَةَ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ يُوجِبُ الطَّهَارَةَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُكَلَّفُ مُحْدِثًا، فَالْحَدَثُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ لَا عِلَّتِهِ. وَالْحُكْمُ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ شَرْعًا، وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ. وَقَدْ أَحْدَثَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً شَنْعَاءَ، فَقَالَ: إنَّ الْمُحْدِثَ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ، إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ، وَعَلَيْهِ يُثَابُ، وَعَلَيْهِ يُعَاقَبُ، وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ. وَهَذَا خَرْقٌ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَهَتْكٌ لِحِجَابِ الشَّرِيعَةِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ وَأَمْثَالُهَا رَدٌّ عَلَيْهِ إنْ أَقَرَّ بِثُبُوتِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَإِنَّ مَنْ يُنْكِرُ التَّوْحِيدَ مُخَاطَبٌ بِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ تَوْحِيدِ الرَّبِّ، وَهَذَا مَا لَا جَوَابَ لَهُمْ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute