للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُذْرًا لِمَنْ صَبَرَ وَحُجَّةً عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] الْآيَةَ، ثُمَّ قَرَأَ حَتَّى أَنْفَذَ الْآيَةَ الْأُخْرَى؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَاهُ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ. فَقَالَ عُمَرُ: " صَدَقْت، مَاذَا تَرَوْنَ "؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: " إنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي جَلْدُ ثَمَانِينَ ". [فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ فَجُلِدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً].

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، وَقَدْ كَانَ يَشْهَدُ بَدْرًا، وَهُوَ خَالُ ابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ زَادَ الْبَرْقَانِيُّ: فَقَدِمَ الْجَارُودُ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ قَدْ شَرِبَ مُسْكِرًا، وَإِنِّي إذَا رَأَيْت حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى حُقَّ عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَهُ إلَيْك. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: " مَنْ يَشْهَدُ لِي عَلَى مَا تَقُولُ؟ " فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ. فَدَعَا عُمَرُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ: " عَلَامَ تَشْهَدُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ "؟ فَقَالَ: " لَمْ أَرَهُ حِينَ شَرِبَ، وَقَدْ رَأَيْته سَكْرَانَ يَقِيءُ ". فَقَالَ عُمَرُ: " لَقَدْ تَنَطَّعْت فِي الشَّهَادَةِ ". ثُمَّ كَتَبَ عُمَرَ إلَى قُدَامَةَ وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ يَأْمُرُهُ بِالْقُدُومِ عَلَيْهِ. فَلَمَّا قَدِمَ قُدَامَةُ وَالْجَارُودُ بِالْمَدِينَةِ كَلَّمَ الْجَارُودُ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ: أَقِمْ عَلَى هَذَا كِتَابَ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ لِلْجَارُودِ: " أَشَهِيدٌ أَنْتَ أَمْ خَصْمٌ "؟ فَقَالَ الْجَارُودُ: أَنَا شَهِيدٌ. قَالَ: " قَدْ كُنْت أَدَّيْت الشَّهَادَةَ ". فَسَكَتَ الْجَارُودُ، ثُمَّ قَالَ: لَتَعْلَمَنَّ أَنِّي أَنْشُدُك اللَّهَ. فَقَالَ عُمَرُ: " أَمَا وَاَللَّهِ لَتَمْلِكَنَّ لِسَانَك أَوْ لَأَسُوءَنَّكَ ". فَقَالَ الْجَارُودُ: أَمَا وَاَللَّهِ مَا ذَلِكَ بِالْحَقِّ أَنْ يَشْرَبَ ابْنُ عَمِّك وَتَسُوءَنِي: فَتَوَعَّدَهُ عُمَرُ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ جَالِسٌ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنْ كُنْت تَشُكُّ فِي شَهَادَتِنَا فَسَلْ بِنْتَ الْوَلِيدِ امْرَأَةَ ابْنِ مَظْعُونٍ ". فَأَرْسَلَ عُمَرُ إلَى هِنْدَ يَنْشُدُهَا بِاَللَّهِ، فَأَقَامَتْ هِنْدُ عَلَى زَوْجِهَا قُدَامَةَ الشَّهَادَةَ. فَقَالَ عُمَرُ: " يَا قُدَامَةُ؛ إنِّي جَالِدُك ". فَقَالَ قُدَامَةُ: وَاَللَّهِ لَوْ شَرِبْت كَمَا تَقُولُونَ مَا كَانَ لَك أَنْ تَجْلِدَنِي يَا عُمَرُ. قَالَ: " لِمَ يَا قُدَامَةُ؟ " قَالَ: لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>