للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: مَا طَفَا عَلَيْهِ؛ قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَقَتَادَةُ، وَهِيَ رِوَايَةُ مَعْنٍ عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: صَيْدُ الْبَحْرِ مَا صِيدَ، وَطَعَامُهُ مَيْتَتُهُ.

الثَّالِثُ: مَمْلُوحُهُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ، وَمَا مَاتَ فِيهِ فَطَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ». وَقَالَ أَبُو دَاوُد: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى جَابِرٍ.

وَرَوَى مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْبَحْرِ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ». وَهَذَا نَصٌّ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَلَا كَلَامَ بَعْدَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَتَعَلَّقَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِينَ قَالُوا: إنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ حَرَامٌ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وَهِيَ كُلُّ حَيَوَانٍ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ.

وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَخُصُّ هَذَا الْعُمُومَ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ بِهِ الْخَلِيفَتَانِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَثَبَتَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ «عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَكْلِهِمْ الْحُوتَ الْمَيِّتَ فِي غُزَاةِ سَيْفِ الْبَحْرِ، وَمِنْ ادِّخَارِهِمْ مِنْهُ جُزْءًا، حَتَّى لَقُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكَلَ مِنْهُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>