الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
إنَّمَا أَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْأَمْوَالِ بِالْأَكْلِ بِالْحَقِّ، وَالتَّعَامُلِ بِالصِّدْقِ، وَطَلَبِ التِّجَارَةِ بِذَلِكَ، فَمَتَى خَرَجَ عَنْ يَدِ أَحَدٍ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ بِعِلْمِهِ لِأَخِيهِ فَقَدْ أَكَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُرْضِي اللَّهَ وَيَرْتَضِيهِ؛ وَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ عَنْ يَدِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ مِمَّا لَا غِنًى عَنْهُ فِي ارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ وَانْخِفَاضِهَا عَنْهُ فَإِنَّهُ حَلَالٌ جَائِزٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ؛ فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: إذَا جَرَى ذَلِكَ فِي بَيْعٍ كَانَ صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَاهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَآخَرُونَ غَيْرُهُمْ: إنَّهُ لَا رَدَّ فِيهِ.
وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ فَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ كَانَ يَخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ: إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ».
وَفِي غَيْرِ الصَّحِيحِ: «وَاشْتَرِطْ الْخِيَارَ ثَلَاثًا». وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثًا».
فَإِنْ قِيلَ، وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: كَانَ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ أَصَابَتْهُ مَأْمُومَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَثَّرَتْ فِي عَقْلِهِ، فَكَانَ يَخْدَعُ لِأَجْلِ ذَلِكَ فِي بَيْعِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَالِ، حَتَّى كَانَ يَقُولُ لِمَا أَصَابَهُ: «لَا خِلَابَةَ لَا خِلَابَةَ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute