للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما ضيعته. وقال بعضهم: مكث ربيعة دهراً طويلاً عابداً يصلي الليل والنهار صاحب عبادة، ثم نزع ذلك إلى أن جالس القوم فجالس القاسم فنطق بلب وعقل، قال: فكان القاسم إذا سئل عن شيء قال: سلوا هذا - ربيعة، قال: فإن كان شيئاً في كتاب الله أخبرهم به القاسم أو في سنة نبيه وإلا قال: سلوا هذا - لربيعة أو سالم; وكان يحيى بن سعيد كثير الحديث فإذا حضر ربيعة كف يحيى إجلالاً لربيعة وليس ربيعة بأسن منه، وهو فيما هو فيه وكان كل واحد مجلاً لصاحبه، ومات ربيعة سنة ست وثلاثين ومائة; وقال مالك بن أنس: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة بن أبي عبد الرحمن. وأبو حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزبان التيمي الكوفي صاحب الرأي وإمام أصحاب الرأي وفقيه أهل العراق، رأى أنس بن مالك وسمع عطاء بن أبي رباح وأبا إسحاق السبيعي ومحارب بن دثار وحماد بن أبي سليمان والهيثم بن حبيب وقيس بن مسلم ومحمد بن المنكدر ونافعاً مولى ابن عمر وهشام بن عروة وسماك بن حرب، روى عنه هشيم بن بشير وعباد بن العوام وعبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح ويزيد بن هارون وأبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني وعمرو بن محمد العنقزي وهوذة بن خليفة وأبو عبد الرحمن المقرئ وعبد الرزاق بن همام وغيرهم، وهو كوفي تيمي من رهط حمزة بن حبيب الزيات، ولد بالكوفة ونقله أبو جعفر المنصور إلى بغداد فسكنها إلى حين وفاته، قيل إن أباه ثابت بن النعمان بن المرزبان من أبناء فارس الأحرار ذهب إلى علي بن أبي طالب وهو صغير فدعا له بالبركة فيه وفي ذريته، وقيل إن جده النعمان بن المرزبان هو الذي أهدى لعلي بن أبي طالب الفالوذج في يوم النيروز فقال: نوروزنا كل يوم; وفي رواية: كان في يوم المهرجان فقال:

مهرجونا كل يوم; وكلمه ابن هبيرة على أن يلي القضاء فأبى فضربه مائة سوط وعشرة أسواط كل يوم عشرة أسواط فصبر وامتنع، فلما رأى ذلك خلى سبيله، واشتغل بطلب العلم وبالغ فيه حتى حصل له ما لم يحصل لغيره، ودخل يوماً على المنصور وكان عنده عيسى بن موسى فقال للمنصور: هذا عالم الدنيا اليوم; ورأى أبو حنيفة في المنام أنه ينبش قبر رسول الله فقيل لمحمد بن سيرين فقال: صاحب هذا الرؤيا رجل يثور علماً لم يسبقه إليه أحد قبله; وكان مسعر بن كدام يقول: ما أحسد أحداً بالكوفة إلا رجلين: أبو حنيفة في فقهه والحسن بن صالح في زهده; وقال مسعر: من جعل أبا حنيفة بينه وبين الله رجوت أن لا يخاف ولا يكون فرط في الاحتياط لنفسه; وقال الفضيل بن عياض: كان أبو حنيفة رجلاً فقيهاً معروفاً بالفقه مشهوراً بالورع، واسع المال معروفاً بالإفضال على كل من يطيف به صبوراً على تعليم العلم بالليل والنهار حسن الليل كثير الصمت قليل الكلام حتى ترد مسألة في حرام أو حلال وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>