وحوثرة بن سهيل الباهلي القنسريني، أخو العجلان بن سهيل، من أهل قنسرين. قال أبو سعيد بن يونس: كان أمير مصر لمروان بن محمد، وكان رجل سوء، سفاكاً للدماء، يحكى عنه حكايات في خطبته.
وأبو عمرو كلثوم بن عمرو العتابي القنسريني، من أهل قنسرين، وذكرته في العتابي، لأنه اشتهر بهذه النسبة، وسقت نسبته إلى عتاب في ذلك الموضع، وكان شاعراً مترسلاً، مطبوعاً، متصرفاً في فنون من الشعر، مقدماً في الخطابة والرواية، حسن العارضة والبديهة، من شعراء الدولة العباسية، وكان يتجنب غشيان السلطان، قناعة وتنزها، وصيانة وتعززا، وكان يلبس الصوف، ويظهر الزهد، وكان منقطعاً إلى البرامكة، فوصفوه للرشيد، ووصلوه به، فبلغ عنده كل مبلغٍ، وعظمت فوائده منه. ومنصور النمري راويته وتلميذه، ثم فسدت الحال بينهما وتباعدت. وحكى أن طوق بن مالك كان قريباً للعتابي، فكتب إليه يستزيره ويدعوه إلى أن يصل القرابة بينه وبينه، فرد عليه: إن قريبك من قرب منك خيره، وإن عمك من عمك نفعه، وإن عشيرتك من أحسن عشرتك، وإن أحب الناس إليك أجداهم بالمنفعة عليك، ولذلك أقول:
ولقد بلوت الناس ثم سبرتهم … وخبرت ما وصلوا من الأنساب
فإذا القرابة لا تقرب قاطعاً … وإذا المودة أقرب الأسباب
وقيل للعتابي: إنك تلقى العامة ببشر وتقريب؟ فقال: رفع ضغينة بأيسر مؤونة، واكتساب إخوان بأهون مبذول. وكتب المأمون في إشخاص العتابي، فلما قدم عليه، قال:
يا كلثوم، بلغتني وفاتك فساءتني، ثم بلغتني وفادتك فسرتني. فقال له العتابي: يا أمير المؤمنين، لو قسمت هاتان الكلمتان على أهل الأرض لوسعتاهم فضلاً وإنعاماً، وقد خصصتني منهما بما لا يتسع له أمنية، ولا ينبسط بسؤله أمل، لأنه لا دين إلا بك، ولا دنيا إلا معك. قال: سلني. قال: يدك بالعطاء أطلق من لساني بالسؤال. فوصله صلاتٍ سنية، وبلغ به من التقديم والإكرام أعلى محل.
هذه النسبة إلى قنسرين، وهي بلدة قريبة من حلب، أحد بلاد الشام، وجند قنسرين في زمن عمر بن الخطاب معروفة، بت بها ليلة وقت خروجي من حلب، في موضعٍ قريبٍ منها، خرج منها جماعة من أهل العلم، منهم: