التاريخ، وقال: كان شيخاً فقيراً، يقصُ في جامع المنصور ببغداد، وفي الطرقات والأسواق، وسمعته يقول: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد. وذكر حديثاً، ثم قال:
سمعت منه هذا الحديث في سنة تسعٍ وأربعمائة، وحدثنا أيضاً عن أبي بكر بن مالك القطيعي، بحكاية عن العباس بن يوسف الشكلي، وكانت وفاته في أول سنة ثلاثين وأربعمائة.
والإمام أبو العباس أحمد بن أبي أحمد القاص الطبري، إمام عصره، وصاحب التصانيف في الفقه والفرائض وأدب القاضي معرفة القبلة وغيرها، تفقه على أبي العباس بن سريج، وبرع في الفقه، وتلمذ له جماعة، منهم أبو عليّ الطبري المعروف بالزجاجي.
وإنما قيل لأبي العباس القاص لدخوله دار الديلم والجبل، وقود عساكر الجهاد منها إلى الروم بالوعظ والتذكير. ومن أشهر مصنفاته كتابه الموسوم بالتلخيص، وهو أجمع كتاب في فنه للأصول والفروع، على قلة عدد أوراقه، وخفة محمله على أصحابه، وكتابه في أصول الفقه، وهو كتاب مقنع ممتع. وكان من أخشع الناس قلبا إذا قص، فمن ذلك ما يُحكى عنه، أنه كان يقص على الناس بطرسوس، فأدركته روعة ما كان يصف من جلال الله وعظمته، وملكته خشية ما كان يذكر من بأسه وسطوته، فخر مغشياً عليه، وأنقلب إلى الآخرة، لاحقاً باللطيف الخبير.
القاضي: بفتح القاف، وضاد معجمة بعد الألف.
هذه النسبة إلى القضاء بين الناس والحكومة.
وأول من عرف بهذه النسبة أول قاضٍ بالكوفة سلمان بن ربيعة الباهلي التميمي، وهو أول قاض استقضي بالكوفة، فمكث بها أربعين يوماً لا يأتيه خصم، وكان ولاه عمر قضاء الكوفة، ويقال له سلمان الخيل، وقد ذكرناه في الخيل.
وأبو أمية شريح بن الحارث القاضي الكندي، ويقال له: أبو عبد الرحمن، حليف لهم من بني رائش، كان فائقاً، وكان شاعراً، وكان قاضياً، يروي عن عمر، روى عنه الشعبي، مات سنة تسعٍ وثمانين، وهو ابن مائة وعشرين سنة، وقيل: إنه مات سنة ثمان وسبعين، وهو ابن مائة وعشرين سنة.
وأبو البختري وهب القاضي، وأمه عبدة بنت عليّ بن يزيد بن ركانة، استقضاه الرشيد، يروي عن هشام بن عروة، وجعفر بن محمد، وابن عجلان، روى عنه العراقيون، وأهل الشام.