للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمان، وأقام بمصر وصار شيخ الصوفية ورئيسهم بها، وكان يتفقه بالحديث ويفتي بالمقاطيع، وكان أبو علي الروذباري يقول: أستاذي في التصوف الجنيد، وأستاذي في الحديث والفقه إبراهيم الحربي، وأستاذي في النحو أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وكان ابن الكاتب إذا ذكر الروذباري يقول: سيدنا أبو علي; فقيل له في ذلك فقال: لأنه ذهب من علم الشريعة إلى علم الحقيقة ونحن رجعنا من علم الحقيقة إلى علم الشريعة. ومن شعره اللطيف قوله:

ولو مضى الكل مني لم يكن عجباً … وإنما عجبي للبعض كيف بقي

أدرك بقية روح فيك قد تلفت … قبل الفراق فهذا آخر الرمق

وقيل لأبي علي الروذباري: من الصوفي؟ فقال: من لبس الصوف على الصفا، وسلك طريق المصطفى، وأطعم الهوى ذوق الجفا، وكانت الدنيا منه على القفا. وتوفي الروذباري سنة اثنتين أو ثلاث وعشرين وثلاثمائة. وأبو عبد الله محمد بن أبي حامد أميركا بن أبي فيركا الجيلي الروذباري القاضي، من أهل مرو، أصله من جيلان طبرستان، ووالده ولي القضاء بالروذبار بنواحي مرو وهي الدواليب بين تركدر وجيرنج ثم ولي القضاء بها بعده أبو عبد الله هذا أكثر من ثلاثين سنة، وكان قد رأى جدي الإمام وتفقه على والدي رحمهما الله، وكان حسن الخط مليحة شد طرفاً من الأدب وقليل من الفقه وكان مشتغلاً بما يعنيه من نسخ الكتب بخطه ومطالعتها، سمع جدي الإمام أبا المظفر السمعاني وأبا الفتح محمد بن عبيد الله الأديب وغيرهما، كتبت عنه بمرو بالروذبار بدولاب الخازن، ومات بها في سنة نيف وأربعين وخمسمائة قبل سنة ست. وأما أبو محمد أحمد بن يعقوب بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف الروذباري المفسر من أهل روذبار، وهي ناحية فوق الشاش وراء نهر سيحون، وأبو محمد هذا سكن سمرقند، كان إماماً مفسراً بارعاً، وكان تلميذ الشيخ الهروي المفسر روى تفسيره عنه، وحدث عن أبي عبد الله طاهر بن محمد بن أحمد الحديدي الواعظ، روى عنه أبو الحسن علي بن الحسن بن محمد الماتريدي، ومات سنة خمس وستين وأربعمائة وقبره بكنديكت.

الروذراوري: بضم الراء وسكون الواو والذال المعجمة والألف والواو بين الراءين المهملتين، هذه النسبة إلى بلدة بنواحي همذان، يقال لها روذراور، خرج منها جماعة من أهل العلم، منهم من المتأخرين أبو طاهر حمزة بن أحمد بن الحسين بن سعيد (١) بن علي بن


(١) مثله في اللباب، وسقط من س وم.

<<  <  ج: ص:  >  >>