ومن المتأخرين: أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه بن موسى بن بيان الجبلي البزاز الشافعي، من أهل بغداد شيخ ثقة صدوق ثبت كثير الحديث حسن التصنيف في عصره، أملى وحدث عن عامة شيوخ بغداد مثل: السمري محمد بن الجهم، وأبي قلابة الرقاشي، ومحمد بن شداد المسمعي، ومحمد بن غالب بن حرب، وعمر حتى كتب عنه أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن رزق البزاز، وأبو علي بن شاذان، وآخر من روى عنه أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، وكانت ولادته بجبل، وسكن بغداد، وجمع أبواباً وشيوخاً، وكتب عنه قديما وحديثا. قال بعض الناس: رأيت جزءاً فيه مجلس كتب عن ابن صاعد في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، وبعده مجلس كتب عن أبي بكر الشافعي في ذلك الوقت " ولما منعت الديلم ببغداد الناس أن يذكروا فضائل الصحابة، وكتبت سب السلف على المساجد، كان الشافعي يتعمد في ذلك الوقت " إملاء الفضائل في جامع المدينة، وفي مسجده بباب الشام، ويفعل ذلك حسبه ويعده قربة وكان الدارقطني يقول: أبو بكر الشافعي ثقة مأمون، ما كان في ذلك الزمان أوثق منه، ما رأيت له إلا أصولاً صحيحة متقنة، وقد ضبط سماعه فيها أحسن الضبط. ولد في جمادى سنة ستين ومائتين بجبل، ومات في ذي الحجة سنة أربع وخمسين وثلاثمائة ببغداد.
وبعده: أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن العباس بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي الشافعي المكي، من أهل مكة، وكان من الثقات المكثرين، حدث عن أبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي، سمع منه جدي الإمام أبو المظفر السمعاني، وأبو القاسم الشيرازي الحافظ، وجماعة كثيرة، حدثنا عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي بأصبهان، وأبو المظفر عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري بنيسابور، ولم يحدثنا عنه سواهما، وتوفي سنة نيف وسبعين وأربعمائة بمكة.
وإنما قيل له " الشافعي ": لما سمعت أبا العلاء أحمد بن محمد الحافظ بأصبهان يقول: سمعت أبا الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ يقول: سئل أبو علي الشافعي المكي عن هذه النسبة؟ فقال: كان أبي يسمع الحديث، وكان في القوم رجل يسمى الحسن بن عبد الرحمن المالكي، فكتب لنفسه: الشافعي، ليقع الفرق بينهما، فثبت علينا هذا النسب.