الهروي الجارودي، شيخ هراة في عصره، وكان أحد الحفاظ المشهورين، وكان ثقة صدوقاً حافظاً رحالاً، رحل إلى العراق وفارس وجال في بلاد خراسان، وسمع أبا القاسم بن سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني وأبا علي حامد بن محمد بن عبد الله الرفاء وأبا بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الجرجرائي وطبقتهم، روى عنه الأئمة مثل أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري وأبي الفضل أحمد بن عبيد الله بن أبي سعد المركب وجماعة كثيرة سواهم، وكان أبو الحسين محمد بن المظفر حافظ بغداد يقول: لم يجاوز جسر النهروان مثل أبي الفضل الجارودي. ولما حضر عند الطبراني بأصبهان كان الطلبة يكتبون بانتخابه عليه، وكان أبو علي بن جهان دار الحافظ يقول: ما رأيت من مشايخنا أعرف بالحديث وأقل دعوى من أبي الفضل الجارودي. وتوفي سنة نيف وعشرين وأربعمائة. وقبره مشهور يزار وقد زرته. وأبو الحسن محمد بن محمد بن عمرو بن محمد بن حبيب بن سليمان بن المنذر بن الجارود البصري الجارودي من أهل البصرة، قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي ونصر بن علي الجهضمي، روى عنه محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت الدقاق وأبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين وغيرهما أحاديث مستقيمة، وكان شيخاً خضيباً أزرق، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة ومائتين، وحدث في رجب سنة عشرين وثلاثمائة فتكون وفاته بعد هذا التاريخ. وأما الجارودية ففرقة من الزيدية من الشيعة وهم أصحاب أبي الجارود نسبوا إليه، زعموا أن النبي ﷺ نص على إمامة علي بالوصف دون التسمية (وأن الناس كفروا بتركهم الاقتداء به بعد النبي ﷺ، ثم بعده الحسن، ثم الحسين، ثم إن الإمامة شورى في ولدهما فمن خرج منهم داعياً إلى سبيل ربه وكان عالماً فاضلاً فهو الإمام. وهؤلاء إنما أكفرناهم بقولهم بتكفير الصحابة وقد تجامعت الجارودية بعد هذه الجملة فزعم قوم منهم أن الإمام محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن فانتظروه كما انتظره قوم من المغيرية وأنكروا قتله، وانتظرت طائفة منهم محمد بن القاسم صاحب الطالقان، وقد أسر في أيام المعتصم وحمل إليه فحبسه في داره وأظهر موته، فزعموا أنه حي لم يمت، وانتظرت طائفة منهم يحيى بن عمر صاحب الكوفة في أيام المستعين، وحمل رأسه إلى محمد بن عبد الله بن طاهر حتى قال فيه بعض العلوية:
قتلت أعز من ركب المطايا … وجئتك أستلينك في الكلام
وعز عليك أن ألقاك إلا … وفيما بيننا حد الحسام
الجاري: بفتح الجيم والراء المهملة، هذه النسبة إلى (الجار) وهي بليدة على الساحل بقرب مدينة رسول الله ﷺ، والمنتسب إليها أبو عبد الله سعد بن نوفل الجاري، كان