للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد بدأنا به وهو أبو العباس الأصم، ومن الصوفية أبو عبد الرحمن حاتم بن عنوان الأصم من أهل بلخ، كان أحد من عرف بالزهد والتقلل واشتهر بالورع والتقشف، وله كلام مدون في الزهد والحكم، وأسند الحديث عن شقيق بن إبراهيم وشداد بن حكيم البلخيين وعبد الله بن المقدام ورجاء بن المقدام الصغاني، روى عنه أبو عبد الله الخواص وأبو جعفر الهروي وجماعة، وقال رجل لحاتم الأصم: بلغني أنك تجوز المفاوز من غير زاد؟ فقال حاتم: بل أجوزها بالزاد وإنما زادي فيها أربعة أشياء، قال: ما هي؟ قال: أرى الدنيا كلها ملكاً لله، وأرى الخلق كلهم عباد الله وعياله، وأرى الأسباب والأرزاق كلها بيد الله، وأرى قضاء الله نافذاً في كل أرض الله، فقال له الرجل: نعم الزاد زادك يا حاتم! أنت تجوز به مفاوز الآخرة فكيف مفاوز الدنيا. وقيل له: من أين تأكل؟ فقال: * (ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون) *. وكان أبو بكر الوراق يقول: حاتم الأصم لقمان هذه الأمة. وسئل حاتم: أي شيء رأس الزهد؟ قال: الثقة بالله وأوسطه الصبر وآخره الإخلاص (١). وأما مالك بن جناب بن هبل الكلبي الشاعر يعرف بالأصم سمي الأصم بقوله:

أصم عن الخنا إن قيل يوماً … وفي غير الخنا ألفي سميعاً (٢).

الأصولي: بضم الألف والصاد المهملة وسكون الواو وفي آخره اللام، هذه النسبة إلى الأصول، وإنما تقال هذه اللفظة لعلم الكلام ولمن يعرف هذا النوع من العلم الأصولي، واشتهر بهذه النسبة الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الفقيه الأصولي المتكلم، كان إماماً فاضلاً عالماً ذكياً آية في هذا الفن، سمع بخراسان أبا بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي وأبا بكر محمد بن يزداذ الإسفراييني وببغداد أبا محمد دعلج بن أحمد السجزي وأبا بكر محمد بن عبد الله الشافعي وغيرهم، سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في جماعة كثيرة آخرهم أبو الحسن علي بن أحمد المديني المؤدب، وذكره الحاكم في التاريخ فقال: إبراهيم بن محمد الفقيه الأصولي المتكلم المقدم


(١) ومن المشهورين جدا في الكلام والأصول والفقه (الأصم) وهو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان.
(٢) وفي النزهة الأصم جماعة … وعبد الله بن ربعي شاعر جاهلي. ومطرف صاحب مالك … وإبراهيم بن حبره الأسدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>