يقول: لم أر مثل إسحاق بن حنيفة، ولا رأى إسحاق مثل نفسه، وكان يأكل من كسب يده بورق، ويشارط من يكتب له الطرف إلى الطرف من البياض، وعدد الأسطر. وحكي أن بعض الزهاد حمل من بسطام إلى إسحاق بن حنيفة شيئاً من الفواكه، فخلع قميصه ورد الموضع الذي كان فيه الفواكه مع قميصه، وبقي في سراويله مدة لم يكن له قميص يلبسه، وكان إذا خرج من الجامع يوم الجمعة شد سراويله إلى صدره وضربه على كتفه. وقيل: إن امرأة إسحاق بن حنيفة لما وضعت ولدها لم يكن في بيتها شيء ولا سراج، فأخذ إسحاق يدور في داره ويقول: هذا فعلك مع الأنبياء والأولياء، من أنا؟ وهذه المرأة ضعيفة ولا تصبر، فإذا بواحد يدق الباب في ظلمة الليل ويقول: خذوا، فإذا سلة فيها الخبز واللحم والسمن والسكر والعسل والبيض وجميع ما يحتاج إليه من المأكول، وآلة القدر، حتى الكبريت، فأخذها إسحاق، وأسرج لها، وأصلح لها شيئاً مما تستقوي به، وقال: قد رحمك. قال حمزة بن يوسف السهمي: رأيت بخط أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي. قد أجزت لإسحاق بن حنيفة، ولعمران وأحمد: ابني موسى بن مجاشع، ولمحمد بن موسى بن الحسن الجرجاني جميع ما في هذا الكتاب، وذلك في سنة ثلاث وخمسين ومائتين، ولما مات وحملت جنازته، فكانت الخطاطيف قد حجبت الشمس عن جنازته وسترتها عنهم بأجنحتها في غير أوانها. وقال أبو عمران بن هانئ: رأيت يوم مات إسحاق بن حنيفة طيوراً خضراً مصطفين فوق الجنازة وفوق القبر إلى أن دفن، لم أر مثله قبله ولا بعده.
وأبو الفضل جعفر بن غالب السليماناباذي الجرجاني. يروي عن أحمد بن أبي ظبية الجرجاني، وهشيم بن بشير، وجرير بن عبد الحميد. روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد الجرجاني.
السليماني: بضم السين، وفتح اللام، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى سليمان، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب، منهم:
أبو الفضل أحمد بن علي بن عمرو بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن عنبر السليماني الحافظ البيكندي من أهل بيكند، وإنما قيل له: السليماني، انتساباً إلى جده أبي أمه أبي حامد أحمد بن سليمان البيكندي، وكانت له رحلة إلى الآفاق وعرف بالكثرة والحفظ والاتقان، ولم يكن له نظير في زمانه إسناداً وحفظاً ودراية بالحديث وضبطاً وإتقاناً. سمع محمد بن صابر بن كاتب وأبا نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، وأبا الحسن علي بن