إلا أنه لم ينصب للرواية، وكان يكرهها، ودفن كتبه لأجل ذلك، وكل ما سمع منه فإنما هو على سبيل المذاكرة، روى عنه نعيم بن الهيصم وابنه محمد بن نعيم ومحمد بن هارون البغدادي وأحمد بن إبراهيم الدورقي وإبراهيم بن هاشم بن مشكان ونصر ابن منصور البزاز ومحمد بن عبد الله المخرمي ومحمد بن المثني السمسار وسري السقطي وإبراهيم بن هانئ النيسابوري وعمر بن موسى الجلاء وغيرهم، وحكي الحسن المسوحي يقول سمعت بشر بن الحارث يقول أتيت باب المعافى ابن عمران فدققت الباب فقيل: من؟ فقلت: بشر الحافي. فقالت لي بنته من داخل الدار: لو اشتريت نعلاً بدانقين ذهب عنك اسم الحافي.
وقال بشر ابن الحارث يقول لقيني يحيى بن سعيد القطان ببغداد فقال: معك ألواح؟ فقلت:
نعم، قال ناولني قال فناولته وكتب لي عشرة أحاديث وقرأها علي، فلما مضي محوته قال فقيل له لم ذاك؟ قال لم أكن أراه يفعل بغيري هذا. ولما مات بشر بن الحارث قال أحمد بن حنبل:(مات)﵀ وما له نظير في هذه الأمة إلا عامر بن عبد قيس، فإن عامراً مات ولم يترك شيئاً، وهذا قد مات ولم يترك شيئاً. وكانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين قبل المعتصم بستة أيام، وأخرجت جنازته بعد صلاة الصبح ولم يحصل في القبر إلا في الليل وكان نهاراً صائفاً والنهار فيه طول ولم يستقر في القبر إلى العتمة ورئي في النوم فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وغفر لكل من تبع جنازتي، فقيل له: ففيم العمل؟ قال: أفتقد الكسرة (١).
الحامدي: بفتح الحاء المهملة والميم المكسورة بعد الألف وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى حامد وهو اسم لجد المنتسب إليه، واشتهر بهذه النسبة أبو الحسن نصر بن أحمد بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن حامد الحامدي النسفي ابن اخت أبي الهيثم محمد بن جعفر بن إسماعيل الفقيه النسفي، أرتحل إلى مرو وتفقه بها وكتب الحديث عن أهلها وسمع بها أبا الفضل محمد بن الحسين الحدادي، وبسرخس أبا علي زاهر بن أحمد الإمام، وكان شاباً فقيهاً ورعاً زاهداً ديناً فاضلاً، مات بمرو في شهر ربيع الأول
(١) (الحاكمي) استدركه اللباب وقال " هذه النسبة إلى الحاكم بأمر الله أبي علي المنصور بن أبي المنصور نزار بن سعد الخيفة العلوي صاحب مصر، نسب إليه طائفة قالوا برجعته لأنه ركب ليلا ومعه ركابيان فأعادهما ومضى إلى حلوان عند مصر فلم يعرف له خبر فركب خواصه في طلبه فرأوا ثيابه عند شرقي حلوان ورأوا حماره بسرجه ولجامه وقد جرحت يداه ولم يعلموا ما وراء ذلك فذهبت طائفة إلى أنه قد غاب وسيعود يملك الأرض فهم الحاكمية، وكانت خلافته خمسا وعشرين سنة وأياما، وعدم سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وكان كثير التخليط في ولايته وراجع رسم (الحاكمي) في معجم المؤلفين.