أبي سعيد؟ فانحدر أبو حامد يذكر الترجمة حتى فرغ منها وأبو بكر محمد بن إسحاق يتعجب من مذاكرته. ذكر محمد بن حامد البزاز قال: دخلنا على أبي حامد الأعمشي وهو عليل فقلنا: كيف تجدك؟ قال: أنا بخير لولا هذا الجار - يعني أبا أحمد الجلودي راوية أحمد بن حفص، ثم قال: يدعي أنه محدث عالم ولا يحفظ إلا ثلاث كتب كتاب عمي القلب وكتاب النسيان وكتاب الجهل، دخل علي أمس وقد اشتدت بي العلة فقال: يا أبا حامد! علمت أن ابن زنجويه قد مات؟ فقلت:﵀! فقال: دخلت اليوم على المؤمل بن الحسن وهو في النزع، ثم قال لي: أبا حامد! ابن كم أنت؟ فقلت: أنا في السادسة والثمانين، قال:
فأنت إذاً أكبر من أبيك يوم مات، فقلت: أنا بحمد الله في عافية جامعت البارحة - مرتين واليوم فعلت كذا، قال: فخجل وقام من عندي. وقال أبو حامد أحمد بن محمد المقري الواعظ: جئت مع أبي تراب الأعمشي من ناحية مقبرة الحسين فإذا نحن برجل يصيح ويبكي على رأس قبر ليلة الخميس وهو يقول: أي ليلة أدركت؟ أي ليلة أدركت؟ فتقدم إليه أبو تراب فقال: يا هذا! أقل من صياحك هذا فإن ليلة غد خير من هذه الليلة وأرجو أن لا تفوتك.
وتوفي أبو حامد الأعمشي المعروف بأبي تراب في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
الأعموقي: بضم الألف وسكون العين المهملة وضم الميم وفي آخرها القاف، هذه النسبة إلى الأعموق وهو بطن من المعافر، منهم أبو عبد الرحمن عقبة بن نافع المعافري الأعموقي يقال مولى بني لبوان من المعافر ثم من الأعموق، كان ممن سكن الإسكندرية، وكان فقيهاً، يروي عن عبد المؤمن بن عبد الله بن هبيرة السبأي وربيعة بن أبي عبد الرحمن وخالد بن يزيد، روى عنه ابن وهب، وتوفي بالإسكندرية سنة ست وتسعين ومائة.
الأعمى: هو عبد الله بن أم مكتوم، وقال بعضهم: هو عمرو وهو ابن قيس من بني عامر بن لؤي وأم مكتوم - واسمها عاتكة - مخزومية، قدم المدينة بعد بدر وقد ذهب بصره وكان رسول الله ﷺ استخلفه على المدينة يصلي بالناس في عامة غزواته ويؤذن في مسجد رسول الله في بعض أوقاته، وقال ﵇: إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن مكتوم، وفيه نزل * (عبس وتولى أن جاءه الأعمى) * وكلما دخل على النبي ﷺ قال له رسول الله: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، وروى: مرحبا برجل عاتبني فيه ربي، والقصة بتمامها مذكورة في تفسير هذه الآية، وشهد ابن أم مكتوم القادسية ومعه راية