للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها، وهي خبثة، وكانت من متنزهات بغداد، اجتزت بها، وجماعة من الشعراء وصفوا هذا الموضع، وذكروه في أشعارهم. أنشدني أبو سعد بن الزوزني، إملاءً من حفظه، ببغداد أنشدني عاصم بن الحسن الكرخي لنفسه:

يا صاحبي بالقفص لا صاحبي … بأربعٍ بالجزعِ أدراسِ

عرج على ديرٍ بقطربُّلٍ … وانزل بقسيس وشماسِ

واشرب على الآس ووجه الذي … سار به في حضرة الآس

ودغدغ الكأس فإني امرؤٌ … يعجبني دغدغةُ الكاسِ

وأبو العباس أحمد بن الحسن بن أحمد بن سلمان (١) القفصي، شيخ صالح، يسكن باب المراتب ببغداد. سمع أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي، وأبا الحسن عليّ بن الحسين بن أيوب، وغيرهما. وقال لي: كتبتُ على كبر السن. سمعتُ منه، وكان شيخاً صالحاً، على زيِّ الصوفية، وقال: ولدتُ بالقفص، في سنة ست وستين وأربعمائة. وتوفي ببغداد.

القفلي: بفتح القاف والفاء وفي آخرها اللام.

هذه النسبة إلى قفل، وهو اسم لجدّ:

أبي عبد الرحمن المؤمل بن إهاب بن عبد العزيز بن قفل بن سدل الربعي القفلي الكوفي، من أهل الكوفة، كان صالحاً، عالماً، فاضلاً، مكثراً في الحديث، جوالاً في الآفاق. حدث ببلاد الشام، وديار مصر، عن مالك بن سعير بن الخمس، وضمرة بن ربيعة، وسيار بن حاتم، وأبي داود الطيالسي، ومحمد بن عبيد الطنافسي، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق بن همام. روى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، وصالح جزرة، وأبو عبد الرحمن النسائي، والهيثم بن خلف الدوري، وغيرهم. وحكى أن مؤمل بن يهاب قدم الرملة، فاجتمع عليه أصحاب الحديث، وكان زعراً، ممتنعاً، فألحوا عليه، فامتنع أن يحدثهم، فمضوا بأجمعهم. وألفوا منهم نقيبين، فتقدما إلى السلطان، فقالا: إن لنا عبداً خلاسياً (٢)، له علينا حقُّ صحبةٍ وتربيةٍ، وقد كان أدبنا فأحسن لنا التأديب. وآلت بنا الحال إلى الإضافة. وإنا أردنا بيعه، فامتنع علينا. فقال لهم السلطان.


(١) أنظر اللباب ٣/ ٥٠.
(٢) الخلاسي، بالكسر: الولد بين أبوين أبيض وأسود.

<<  <  ج: ص:  >  >>