أبي القاسم الداركي وأقام ببغداد مشغولاً بالعلم حتى صار أوحد وقته، وانتهت إليه الرياسة، وعظم جاهه عند الملوك والعوام، وحدث بشيء يسير عن أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي وأبي أحمد عبد الله بن عدي الحافظ الجرجانيين وإبراهيم بن محمد بن عبدك الإسفراييني، روى عنه أبو محمد الحسن بن محمد الخلال وأبو القاسم عبد العزيز بن علي الأزجي وأبو منصور محمد بن أحمد بن شعيب الروياني وأبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور، قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب: وقد رأيته غير مرة وحضرت تدريسه في مسجد عبد الله بن المبارك وهو المسجد الذي في صدر قطيعة الربيع وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبعمائة متفقه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي لفرح به، وكان أبو الحسين ابن القدوري يقول: ما رأيت في الشافعيين أفقه من أبي حامد، وقال أبو إسحاق الشيرازي: سألت أبا عبد الله الصميري: من أنظر من رأيت من الفقهاء؟ فقال: أبو حامد الإسفراييني، ومرض أبو الفرج الدارمي فعاده أبو حامد فقال فيه:
مرضت فارتحت إلى عائد … فعادني العالم في واحد
ذاك الإمام ابن أبي طاهر … أحمد ذو الفضل أبو حامد
ولد أبو حامد الإسفراييني بها في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقدم بغداد سنة أربع وستين وثلاثمائة، ودرس الفقه من سنة سبعين إلى أن مات ببغداد في شوال سنة ست وأربعمائة، ودفن في داره ثم نقل إلى باب حرب في سنة عشر وأربعمائة، وكان يوم جنازته يوماً مشهوداً بكثرة الناس وعظم الحزن وشدة البكاء. أبو سهل بشر بن أحمد الإسفراييني، سأذكره (الدهقان). وأبو بكر محمد بن أبي سعيد بن سختويه الإسفراييني، أقام بجرجان مدة وحدث بها عن أبي سهل بشر بن أحمد الإسفراييني ثم خرج منها إلى مكة وأقام بها.
الإسفرنجي: بكسر الألف وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء وسكون النون وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى أسفرنج إحدى قرى السغد من نواحي سمرقند، منها أبو زيد (١) محمد بن محمد بن إسماعيل الإسفرنجي، كان شاباً فاضلاً عالماً فقيهاً عارفاً بالفقه من بيت العلم، ورد علينا سمرقند وزارني وصادفته فاضلاً حسن المحاورة كثير المحفوظ مليح الشعر، دخل علي واعتذر عن تأخره ببيتين أنشدناهما لنفسه:
من حق عبدك أن يمشي إليك كما … يمشي العبيد إلى أبواب سادات
لكنني خائف أن لا أعوقك عن … ورد العبادات أو ورد الإفادات
(١) مثله في اللباب المطبوعة ومخطوطتين والقبس، ووقع في معجم البلدان " أبو قيد ".