جامع المنصور بعد أبي الحسن بن رزقويه فكتبنا عنه أماليه، وقرأنا عليه شيئا من أصوله عن ابن السماك والجماعة الذين ذكرناهم. ثم قال: وحدثنا أيضاً عن أبي الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن، وذكر لنا أنه سمع منه بالرحبة. بحديث أبو الطيب هذا عن أحمد بن منصور الرمادي وجماعة من القدماء. وكانت أصول أبي بكر الهيتي سقيمة كثيرة الخطأ إلا أنه كان شيخاً مستوراً صالحاً، فقيراً مقلاً، معروفاً بالخير، وكان مغفلاً مع خلوه من علم الحديث، ربما حدثنا عن شيخ شيخه وهو لا يعلم. ولقد حدثنا في مجلس الإملاء فقال:
حدثنا أبو الحسن علي بن العباس المقانعي، وذكر عنه حديثاً طويلاً هو في كتابي إلى الآن على الخطأ لأني لا أعلم من حدثه عن المقانعي، وكنت إذ ذاك مبتدئاً في كتب الحديث فلم أقف على أنه وهم فأسأله عنه. وحدث يوماً آخر فقال: حدثنا محمد بن علي بن حبيب الرقي المري الطرائفي، وأظن الحديثين عنده عن ابن الدقم، والله أعلم. وكانت ولادته في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلاثمئة، وبلغنا أنه توفي يوم عيد الفطر من سنة عشر وأربعمئة، وكان خرج من بغداد قاصداً هيت، فأدركه أجله بالأنبار ودفن بها، وحدثني بعض الهيتيين بعد عدة من السنين أن وفاته كانت بهيت، والله أعلم.
وأبو نصر هبة الله بن يحيى بن مقلد الهيتيي المقرئ، سكن بغداد، وكان شيخاً صالحاً، من أهل العلم والقرآن، حسن التلاوة له، سمع أبا الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي وغيره ببغداد. كتبت عنه ببغداد ثم لقيته بالأنبار وقرأت عليه بها في الرحلة الأولى، وتركته بها، وسمعت أنه خرج منها إلى قرية عند الدسكرة يقال لها: شهراباذ، وتوفي بها في سنة ست وثلاثين وخمسمئة.
وأبو الخير كثير بن سالم بن أبي الحسن الهيتي، شيخ صالح، سكن الظفرية شرقي بغداد. سمع أبا علي محمد بن محمد بن المهدي الهاشمي، كتبت عنه شيئاً يسيراً، وسألته عن ولادته فقال: ولدت بهيت تقديراً في سنة إحدى وثمانين وأربعمئة.
الهيذامي: بفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف والذال المعجمة المفتوحة بعدها الألف وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى الجد الأعلى، وهو بطن من هذيم، وعرف بها:
أبو هارون سهل بن شاذويه بن الوزير بن حذلم بن حنظلة بن تميم بن الهيذام بن الهذيم الهيذامي البخاري، أصله من اليمن، وشاذويه هو مسرة بن الوزير. وكان صاحب الغرائب والنوادر والأخبار. سمع حفص بن داود الربعي، ويحيى بن جعفر بن أعين الأزدي، وعبد بن حميد، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وتوفي في ذي القعدة سنة تسع وتسعين ومئتين.